قصة كتابين
في عرس الكتاب، أروي لكم قصة حرب تموز، وهي قصة صراع بين كتابين:
- تلمود خاطب جسد صهيون فوعده إن حقق مأربه بزيت وزيتون، ينمو بهما ذلك الجسد، وتوعده بقحط من القمح وخبز الشعير، يذيب كيانه الجسدي.
- وقرآن عَلم أن الجسد قميص لحقيقة الإنسان، يتبدل كل حي، فانتقى لخطابه قميصاً لمعناه هو الكلمة ، اختار أبجديتها من الكلم التي تعني الشق.مريداً بذلك أن تشق كلمة اقرأ قميص الروح لتصل إلى عمق الحقيقة، لتصنع إنساناً وعده كتاب السماء إن حقق هدفه بالرضوان الأكبر والحب الأتم، وتوعده بهول يطلع على الأفئدة.
وبهذا اختلفت صنيعة التلمود عن صنيعة القرآن، فصنيعة التلمود أحرصُ الناس على الحياة، مدع للولاية كذباً، وهو يخاف باب اللقاء بما قدمت يداه. وصنيعة كتاب السماء عاشق لكل الحياة، حريص لا على الحياة بل على كل الحياة، يسعى في سيره نحو كمال الحي المطلق لذا أحبّ كرم الأرض منبع الحياة في سير المادة، وأحب كرامة الإنسان منبع الحياة في سير الروح.
ودفعت لعنة الحرص الأحرص أن يطأ كرم الأرض وكرامة الإنسان.
ودفع عشق الحياة عاشقها أن يدافع عن الأرض والكرامة.
ظنَّ الأحرصُ أنه قادر بعتاده أن ينزع زيتونة الأرض ويعصرها، وغاب عنه أن زيت زيتونها الوضاء ولو لم تمسه نار تحول إلى دماء تجري في عروق العاشق مداداً، خطت به الروح على قميصها الذي تماهى لونه مع تربة كربلاء ستة أحرف قرمزية أعادت ترتيب أبجدية العرب هي:
ميم عنوان المبدأ في كمالة المطلق
وقاف تمثل قوة المتعلق بذلك الكمال
وألف علامة حبل الصراط والوصال في السفر الأول والثالث للعاشقين
وواو تحدد وجهة السلاح نحو أعداء الوصال
وميم تكررت عنوان مجتمع أضحى السير فيه في سفر العاشق الرابع سيراً في سبيل المبدأ
وتاء رشحة تأييد من المبدأ لمن أخذ منه القوة وتمسك بحبل وصاله، وسار في الخلق بالحق موجّهاً سلاحه نحو أعداء الوصال.
لذا تلازم النصر والمجج الإلهي مع الأحرف الستة التي جمعت في طياتها أجمل وأبهى، وأجل وأقوى كلمة، هي المقاومة.
إنها الكلمة التي ثقفت الروح بمدادها مسسناً كان في الوطن قلماً يخط المناعة والشجاعة، وعلى العدو رمحاً يحامي عن الأرض والعرض.
خافوا المسنن رمحاً يعيد بريقه أمل المستضعف بالعزة، ويشق سنانه درع الأكذوبة الموهوم.
خافوا المسنن يداً حملته، وبيوتاً حوته، وكتاباً فيه الأبجدية التي تركبت منها قصيدة السيد الحفيد.
لذا تآمروا على البيوت فدمروها بظنهم يقضون على القلم المسنن وقصيدته.
لكنهم تفاجأوا، فقد رأوا الأرض تحتضن أحجاراً تشهد أن قلوبهم أشد منها قسوة، ورأوا السماء متلونة بسواد الحبر والورق المحترق، تفاجأوا وتفاجأ غيرهم بحجم المحرقة، فكم احتضنت جدران الضاحية من كتب ومكتبات تحوي أبحاثاً ودراسات وأدباً وأشعاراً، ظنوا بإحراقها أن القصيدة احترقت، لكنهم تفاجاْوا أنها انتشرت على كل لسان تحكي قصة بيت عنكبوت هو أوهن من البيوت، وقصة بيت آخر نسجت خيوطه من عمة الحفيد، فأضحى عصيأ على الدهر بل أشد البيوت.
نعم لقد بقي المسنن رمحاً يحكي أمجاد النصر والعزة يحمي الوطن والأمة، يحمله ساعد أضحى أقوى وأشد مراساً، والساعد الآخر يبني الوطن.
نعم لقد بقي المسنن قلماً يغني قصيدة السيد بلحن النصر الجديد، وبمداد لا ينضب.
لقد أحرقت النار الورق والغلاف، لكنها زادت وزادت من نور القصيدة التي تفتخر اشجار الأرض أن تكون لها كاغداً.
وها هي ضاحية الثقافة والجهاد لم تمت محرقتهم تربتها، فتربتها خصبة بالعلم والفنون وبالفكر والأدب لبتي يحملها قطار كبير من المثقفين والعلماء.
وها هي الضاحية اليوم بستاناً تزهو في ربيعها بعرس الكتاب.
ها هو معرض المعارف للكتاب العربي والدولي يطل من جديد بحلّة أبهى وأجمل في هذا المكان المبارك منبر قصيدة السيد الحفيد.
المناسبة: حفل افتتاح معرض المعارف الثاني للكتاب العربي و الدولي.
المكان: مجمع سيد الشهداء، بيروت
الزمان: أيار 2007