الكلمة الخالدة
كلمتين أوجد الله الكون فكان من كن.
وبالكلمات المتلقاة من الإنسان الأول كانت بداية المسيرة للنبوة الأولى.
وبكلمةٍ من الله استمرت النبوات في مسيحها العظيم.
وبكلمةٍ هي اقرأ كانت البداية لمسيرة خاتمة النبوات.
وتقدمت الكلمة مع تقدم الحضارة الإنسانية على نتاج الأرض التي أنبتت العصا الخضراء، وحملت معدن الخاتم، وأنتجت خيط القميص، وعلى الرياح الجارية، والقمر المنشق، توقفت المعجزة في كل هذا، وبقيت الكلمة معجزة الله الخالدة.
لذا جلّلها ربُّها فأراد حمايتها في بيتها الحافظ ومسكنها الآمن، فأقسم بالقلم وما يسطرون لتحفظ الكلمة في كتاب.
ليرتقي الكتاب في كماله الإلهي ليكون - مع الثقل الأصغر المتمثل بالعترة الكاملة - الثقل الأكبر في وصية خاتم الأنبياء (صلى الله عليه وآله)، الذي طالما وجّه المسلمين نحو الكتاب قائلاً: « قيّدوا العلم بالكتابة » وبيّن ثواب الكتابة مشجعاً: « المؤمن إذا مات وترك ورقة واحدة عليها علم تكون تلك الورقة ستراً فيما بينه وبين النار ».
لقد استطاع رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله) عبر تعاليمه أن يدفع العجلة العلمية في العالم إلى المجد والسؤدد، فارتقت أمته وسمت بسموّ العلم والمعرفة، ولم يحصل الانحدار في مسيرتها إلا بعد أن ابتعدت عن المعرفة وكتابها، حتى وصل الأمر بها إلى حالةٍ عبّر عنها مخطِّط الحرب الإسرائيلية على العرب والذي نشر خطته مكتوبةً قبل تنفيذها مما أدّى إلى استغرابٍ أجاب عنه " إني أعرف أن العرب لا يقرؤون ".
وأخيراً قرأ من الأمة رجالٌ في كنوزها المكتوبة فحققوا نصراً وتحريراً وتوازن رعب، بل رعباً تقابله السكينة، فكان شهر أيار فاتحاً في تقدم الأمة معرفةً ووعياً ونصراً.
من رحم هذه الأمة القارئة لكنوزها المعرفية، أطلّت جمعية المعارف الإسلامية الثقافية عام 1996م، لتحمل مسؤولية تنوير المجتمع بالمعرفة الأصيلة والقيم النبيلة عبر مؤسسات ثقافية تنوعت بتنوع أهدافها:
فمنها: مركز نون للتأليف والترجمة والذي تجاوزت عدد إصداراته المئات.
ومنها: مراكز ومكتبات الإمام الخميني الثقافية في لبنان والتي امتدت إلى الكثير من المناطق اللبنانية.
ومنها: المعاهد الثقافية التي استقطبت وما زالت لآلاف الطلاب والطالبات.
ومنها: مركز نور لمحو الأمية الذي تخرّج من دوراته حوالي 1700 من الرجال والنساء.
ومنها: شبكة المعارف الإسلامية الإلكترونية المستقطبة لملايين الروّاد في العالم (5.480.000زائر عام 2005).
ومنها: مجلات دورية كمجلة بقية الله الشهرية ونشرة المحراب الأسبوعية.
ومنها: معاهد متخصصة كمعهد سيد الشهداء (عليه السلام) للمنبر الحسيني، ومعهد الإمام الباقر(عليه السلام) للتبليغ.
ومنها: مركز المعارف للمنشورات الثقافية.
واليوم تتشرف جمعية المعارف الإسلامية الثقافية، وفي أجواء شهر النصر الذي قرأت فيه الأمة فانتصرت، أن تعلن عن مشروعها الجديد: معرض المعارف للكتاب.
وهو معرض كتب عامة لم تخصص هويتها، سيشترك فيه – بإذن الله – دور نشر عديدة من لبنان وغيره من الدول العربية والإسلامية، والتي تم الاتفاق معها على نسبة معتد بها من الحسومات على كتبها ؛ مراعاةً للوضع الاقتصادي في هذا البلد الحبيب.
وانسجاماً مع هدف المعرض بنشر الثقافة والمعرفة، والتشجيع على المطالعة والبحث. سيكون إلى جانب المعرض عدد كبير من الأنشطة الثقافية من أمسيات شعرية، ولقاءات أدبية، وندوات فكرية، وتكريم للشخصيات، وتواقيع كتب، وغيرها من الأنشطة الثقافية.
واخترنا لمكان المعرض ضاحية بيروت الجنوبية التي احتضنت المقاومة وامتزجت فيها الدماء مع المداد. ومن الضاحية اخترنا مجمع سيد الشهداء عليه السلام وهو منارتها التوجيهية ومنبر سيد المقاومة حجة الإسلام والمسلمين السيد حسن نصر الله الذي سيكون لنا شرف برعايته وحضوره في افتتاح المعرض في الساعة الخامسة من يوم الخميس في الرابع من شهر أيار المقبل، شهر الأمة التي قرأت باسم ربها، فأنزل عليها نصره.
سنبقى نقرأ وسنعلم أجيالنا الآتية أن تقرأ وكيف تقرأ قراءة تنير الحاضر وتصنع المستقبل.
المناسبة: الإعلان عن افتتاح معرض المعارف الأول للكتاب.
المكان: ضاحية بيروت الجنوبية.
الزمان: نيسان 2006.