القرية الشاهدة الشهيدة

القرية الشاهدة الشهيدة

كلمة لسماحة الشيخ أكرم بركات.
المناسبة: حفل إعلان أفضل قصة حول القرى الشاهدة والشهيدة.
عنوان الكلمة: القرية الشاهدة الشهيدة.
المكان: بنت جبيل.
الزمان: 31/7/2004.

الحمد لله الذي علم بالقلم، ﴿علم الإنسان ما لم يعلم

والصلاة والسلام على الرسول الأكرم محمد وآله الميامين.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

من مملكة الموت القاهر ينطلق الملك لينهي حياة إنسان مهما طالت، لكن من الناس مَن يقتحم تلك المملكة ليدخلها حياً برزق لا ينقطع تُرى مَن هو؟.

إنه الذي امتاز عن بقية الناس حتى في هيئة الانتقال من الدنيا، فالناس يُغسَّلون من آثار الدنيا بمائها وهو ينتقل بنجيعه الذي علا طهارة عن الماء.

أبت ارض الله أن يدخلها الناس إلا بعد تحنيطهم بالطيب الطاهر في مواقع سجودهم لله عليها، وأبى الله إلا أن يدخلها هذا الإنسان بغبار الجهاد الذي زاد طيباً عن ذلك الطيب الناس يجردون من ثيابهم مهما كانت نقيَّة وقيمة ليدخلوا الأرض بأكفان بيضاء، لكن هذا الإنسان يقتحم تلك المملكة بثياب الجهاد فهي مع الدماء والغبار أطهر وأجمل من كل ثياب.

في ساحة يوم القيامة يخرج الناس حفاة عراة قد جمعهم الله في صعيد واحد ﴿.. وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلا تَسْمَعُ إِلا هَمْسا﴾ (طـه:108) ﴿يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ (الحج:2) في ذلك المشهد يخترق هذا الإنسان تلك الجموع شاهراً سلاحه تشجب أوراده دماً، اللون لون الدم والرائحة رائحة المسك يعبر عنه أمير المؤمنين عليه السلام بأنه لو كان الأنبياء على طريقه لترجلوا لما يرون من بهائه . في تلك الساحة تنعقد محاكم الله فيحاسب الناس على أعمالهم أفراداً وهنالك في تلك الساحة محاكمات الأمم وفي تلك المحاكمات وإلى جانب الأنبياء والأوصياء والأولياء والملائكة يقف هذا الإنسان ليقوم بدور عظيم يفهمنا من هو ؟.

إنه الذي يقف ليشهد على الأمة ليكون شاهد الله عليها.

الآن عرفناه إن الشهيد.

وبهذا نتفهم أن يكون الإنسان شاهداً وشهيداً ولكن ما معنى أن تكون القرية شاهدة وشهيدة.

تطلق الوحدة الثقافية في حزب الله مسابقة في أجمل قصة حول القرية الشاهدة والشهيدة.

انه عنوان يحمل معنى ظاهراً وآخر باطناً، فالظاهر في معنى شاهدية القرى قد يُفهم منه حالها العمراني والبيئي والثقافي و..ليدل على حال أهلها إن دل ولعل المعنى الظاهري من القرية الشهيدة هي تلك القرية التي دمرت بيوتها ومحيت بساتينها كما فعل العدو الإسرائيلي بقرى عديدة من قرانا الصامدة كـ حانين وسجد وميدون، فهي قرى أعتبر العدو بيوتها وبساتينها كروح الإنسان فأراد قتلها بتدميرها فكانت شهيدة، وهو اليوم يتحدث عن محاولات لتدمير المسجد الأقصى المبارك لعله يريد بذلك أن يختبر نبض الأمّة ومدة تحركها فهل تكون على مستوى التفاعل الذي عبر عنه سماحة الأمين العام برسالته للأمة أو تكون خاذلة للقدس الشريف.

لكن لعنوان القرى الشاهدة والشهيدة معنى باطني مقتبس من قرآن ربّنا الذي حدّثنا بحديث فهمنا إيقاعه الظاهري لكنا لم نتلمس حقيقة الباطنية فهو القائل ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ (الإسراء:44)،فللأرض أدراك لكنه غير إدراكنا ونطق لكن غير نطقنا ولغة لكنها غير لغتنا.

بلغة الأرض خاطبها ربها عارضاً عليها الأمانة فأبت ليحملها الإنسان ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإنسان إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولا﴾ (الأحزاب:72).

وبادراك الأرض تختزن ما يحصل فيها الم يحدثنا أهل بيت العصمة ( عليهم السلام) عن أرض المسجد " صلِّ في بقاع مختلفة منه فان لكل بقعة شهادة يوم القيامة، إنه حديث الأرض إنها شهادة الأرض يوم القيامة، ﴿يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَها (الزلزلة:4)
فهي كالإنسان الشهيد،شاهدة على ما جرى عليها فهنالك تلتقي شهادة الإنسان مع شهادة الأرض كما التقت مباركة الله للإنسان ومباركة الله للأرض، فعن نبيه ﴿مباركاً أينما كنت وعن مسجده المقدس يقول سبحانه تعالى قال عزّ وجلّ ﴿الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ(الإسراء:1)

لذا كما استحق الشهداء الأحياء في برزخهم والشهداء الأحياء في دنياهم معتقلين ومحررين والشهداء الأحياء في دنياهم الجريحة أن يكونوا في سلسةِ أمراء النصر والتحرير وهي مسابقة الوحدة الثقافية.

كذلك أستحقت قرى الجهاد والتصدي والشموخ والإباء، القرى المباركة حول المسجد الأقصى أن تكون في سلسلة الأمراء.

فقرانا المجاهدة أميرات القرى.

أنه الالتحام بين الكانسان الأمير والقرية الأميرة، أنه تعبير عن ذلك التلاقي في غابر الزمان الذي خلق فيه إطار أول إنسان من أديم الأرض ليسمى باسم آدم اسمٌ يجمع بين مادة الأرض وروح الملكوت.

أنها الأرض التي جاهد الشرفاء لأعادتها إلى أهلها وهي تستحق أن يبقى هؤلاء المقاومون الشرفاء على ثغور المرابطة دفاعاً عنها وزودن عن أهلها.

إنها القرى الشاهدة على احتلال العدو لها وإذلال أهلها

إنها القرى الشاهدة على صبر أهلها وتمسكهم بترابها المبارك

إنها القرى الشاهدة على جهاد المقاومين المجبول تُرابها مع عرقهم الطاهر

إنها القرى الشاهدة على شهادة الشهداء عليها المجبول ترابها مع دمهم المقدّس

إلاّ تستحق هذه القرى أن ندخلها في ثقافتنا

أن تدوّن في تاريخنا، أن تنظم في أشعارنا أن ترسم في لوحاتنا أن تُكتب قصة نضيء بها مستقبل أجيالنا ليتعلموا كيف يذودون عنها بعرق جهادهم ودماء الشهادة

لذا كان مشروع مسابقات متتالية باسم سلسلة أمراء النصر والتحرير نظمت تارة عن الشهداء وأخرى عن الجرحى وثالثة عن الأسرى

واليوم نحتفل بإعلان نتائج هذه المسابقة حول أجمل قصة حول القرى الشاهدة والشهيدة

لقد ساهمت هذه المسابقات كما يشهد المتتبعون على تفعيل الحركة الأدبية وبروز أقلام مجيدة فضلاً عن التوثيق الأدبي بجانب من تاريخ المقاومة الباسلة والتي وبإذن الله سوف تعقد مؤتمراً تخصُصيّاً حول الأدب المرتبط بها لقد صدق الإمام الخميني "قده" حيث قال "الشهداء يصنعون الكتّاب، وهناك من الكتّاب من يصنعون الشهداء

شكراً للمشاركين بأقلامهم في هذه المسابقة ومبارك للجميع على فوزهم بشرف المساهمة في مشروع ثقافة المقاومة وإن اختارت لجنة الحكم منهم ثلاثة، لكن َّ الجميع فائزون
شكراً للجنة الكريمة التي أبلت خيراً في مراجعة القصص المشاركة
شكراً لمعالي وزير الشؤون الاجتماعي الدكتور أسعد دياب على رعايته الكريمة
شكراً للمجلس البلدي لمدينة بنت جبيل التي كانت رعايتها لهذه المسابقة منطلقة من كونها عاصمة التحرير
شكراً للحضور الكريم علماء ونواباً وأساتذة وأهلنا الأعزاء
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته