الثقافة والإعلام
كلمة لسماحة الشيخ أكرم بركات.
المناسبة: اللقاء التكريمي للإعلاميين.
عنوان الكلمة: الثقافة والإعلام.
المكان: مطعم الساحة.
الزمان: الخميس 16/5/2006.
لعل الشبيه بين الثقافة والإعلام هي علاقة الكلمة باللسان، فالكلمة دون لسان يتفوّه بها تكون سجينة تتوق لمحرِّرها الذي تتقمّصه للتجلي في مشهد الشاعر القائل:
إن الكلام لفي الفؤاد وإنما *** جعل اللسان على الفؤاد دليلاً
واللسان من دون الكلمة وإن أدّى بعضاً من الأدوار لكنه ينعت صاحبه بوصمة نقص بارزة.
من هنا تبرز مسؤولية الإعلام أمام الثقافة الطيبة لعكس صداها النوراني، كما تبرز مسؤولية الثقافة أمام الإعلام لرفده بشذى الطيب وفوحه، وأيضاً لشكره حينما يكون المصدر الفوّاح لنشر ذلك الأريج.
من هنا أوجه شكري الجزيل باسم جمعية المعارف الإسلامية الثقافية لكافة أخواتي وإخوتي الإعلاميين الكرام على مواكبتهم الثقافية الإعلامية لمعرض المعارف للكتاب، الذي أردناه تظاهرة ثقافية تنشّط التفاعل مع الكتاب في زمن ركود المطالعة، وتفعّل المناخ الثقافي في زمن تلبّد بغيوم السياسة المقلقة والاقتصاد المخيف.
هذه الغيوم التي كانت توجس في بعضنا خيفة من نجاح هذا المعرض، لكن مشيئة الله تعالى المتجلية بـ اقرأ كانت هي الغالبة، وحقيقة المجتمع الذي صنع الحرف كانت هي الأنصع، فكان العدد اللافت لزوار الأيام التي لم تبلغ العشرة، والذي تجاوز مئة وستةً وعشرين ألف رائدٍ، وكان الملتقى اللافت للبنانيين الذين قدموا من مختلف المناطق والاتجاهات والمشارب، يلتقون على الحروف التي صنعها أجدادهم. جاؤوا جميعاً إلى ملتقى الثقافة يشنّفون آذانهم باستماع الأدب الراقي يَرتقون بأرواحهم سلّم الشعر البديع وتسبح عقولهم في بحار المعرفة.
وقد دلّ المعرض على أولويات أخرى للبنانيين على رغم المعاناة الاقتصادية، ففي ضاحية الحرمان تجاوز المبيع المئات الأولى من الملايين، ليؤكدوا بذلك أن المعرفة ما زالت الأولوية في مجتمع المحرومين، وأن الضاحية خزّان الثقافة كما هي خزّان المقاومة، وأن شهر أيار هو شهر انتصار ثقافة المقاومة على سياسة الاستسلام.
إن المؤشرات الموضوعية الحميدة التي نتجت عن هذا المعرض إضافة إلى الانطباعات الكثيرة الإيجابية يدعواننا إلى تكرار التجربة ليصبح معرض المعارف معرضاً سنوياً للكتاب يتكامل مع سائر معارض هذا الوطن العزيز... شكراً لكم، شكراً لأقلامكم النيرة، شكراً لمواكبتكم الفاعلة.
والحمد لله رب العالمين