الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) السيرة المختصرة

image

الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) السيرة المختصرة

قبل الولادة

روى علي بن ميثم عن أبيه: رأت حميدة أمّ الإمام الكاظم رسول الله (صلى الله عليه وآله) في المنام يقول لها: يا حميدة، هبي "نجمة" لابنك موسى (عليه السلام)؛ 

الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) السيرة المختصرة

قبل الولادة

روى علي بن ميثم عن أبيه: رأت حميدة أمّ الإمام الكاظم رسول الله (صلى الله عليه وآله) في المنام يقول لها: يا حميدة، هبي "نجمة" لابنك موسى (عليه السلام)؛ فإنّه سيولد له منها خير أهل الأرض له، فوهبتها له...فسمّاها الإمام (عليه السلام) الطاهرة[1].

الولادة
في الحادي عشر من ذي القعدة عام 148هـ أو 153 هـ أولدت الطاهرة علي بن موسى الرضا (عليه السلام)، فأذَّن -أبوه- في أذنه اليمنى، وأقام في اليسرى، ودعا بماء الفرات، فحنّكه به، ثمّ ردّه إلى أمّه قائلاً: خذيه؛ فإنّه بقية الله تعالى في أرضه"[2].

إشارة الكاظم (عليه السلام) إلى إمامته
ورد أنّ الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) قال لأولاده: "هذا أخوكم علي بن موسى (عليه السلام)، عالم آل محمّد (صلى الله عليه وآله)، فاسألوه عن أديانكم، واحفظوا ما يقول لكم؛ فإنّي سمعت أبي جعفر بن محمّد (عليه السلام) غير مرّة يقول لي: إنّ عالم آل محمّد (صلى الله عليه وآله) لفي صلبك، وليتني أدركته؛ فإنّه سميّ أمير المؤمنين علي (عليه السلام)"[3].

كما  كان الإمام الكاظم (عليه السلام) يرشد أصحابه إلى إمامته، فعن نصر بن قابوس قال: كنت عند أبي الحسن (عليه السلام) في منزله فأخذ بيدي فوقفني علي بيت من الدار، فدفع الباب فإذا علي ابنه (عليه السلام) وفي يده كتاب ينظر فيه، فقال لي: يا نصر، تعرف هذا ؟ قلت: نعم هذا عليّ ابنك قال: يا نصر، أتدري ما هذا الكتاب الذي ينظر فيه ؟ قلت: لا، قال: هذا الجفر الذي لا ينظر فيه إلاّ نبيّ أو وصيّ"[4].
 
في عصر هارون والأمين
عاش الإمام الرضا (عليه السلام) بعد شهادة أبيه الكاظم (عليه السلام) حوالي عشرين عامًا، عشرة منها في عهد هارون، وحوالي خمس سنوات في عهد الأمين الذي كان مشغولاً بنزاعه مع أخيه المأمون ممّا سمح للإمام في التحرّك بشكل أفضل في أداء دوره الرساليّ.

وممّا يعبِّر عن المدى الواسع لحركة الإمام (عليه السلام) في نشر الرسالة ما قاله محمّد بن عيسى اليقطيني: جمعت من مسائل أبي الحسن الرضا (عليه السلام) ممّا سئل عنه (عليه السلام) وأجاب فيه ثمانية عشر ألف مسألة"[5].
  
الإمام الرضا (عليه السلام) والثورات العلويّة
في عهد الإمام الرضا (عليه السلام) قامت ثورات عديدة قادتها شخصيات من أحفاد الإمام عليّ (عليه السلام) منها ثورة محمّد بن ابراهيم المعروف بابن طباطبا العلويّ الذي استطاع لمدّة أن يهزم عدّة جيوش أرسلها العباسيّون للقضاء على ثورته التي انطلقت من المدينة إلى أهل الكوفة الذين التفوا حوله وناصروه، ومنها ثورة ابراهيم بن موسى بن جعفر في اليمن، ومنهاثورة الحسين بن الحسن الأفطس في مكّة، ومنها ثورة زيد بن موسى بن جعفر المسمّى بزيد النار في البصرة.

ولاية العهد
وكانت هذه الثورات محفِّزة للمأمون أن يعمل على اتجاه جديد هو عرض ولاية العهد للإمام الرضا (عليه السلام) بلغة القوّة والتهديد بالقتل بعد ما رفض الإمام (عليه السلام) ذلك. قائلاً له: "إنّ عمر بن الخطاب جعل الشورى في ستّة، أحدهم جدك أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وشرط فيمن خالف أن يضرب عنقه، ولا بدّ لك من قبولك ما أريده منك، فإنّي لا اجد محيصًا عنه"[6].
 
اتساع القواعد الشعبية للإمام الرضا (عليه السلام)
يتميّز عهد الإمام الرضا (عليه السلام) بالشعبيّة الواسعة والتعاطف الجماهيريّ معه، وهذا ما يمكن تسليط الضوء عليه من خلال:
 
1- حديث السلسلة الذهبيّة
لما وصل الإمام الرضا (عليه السلام) في رحلته الخرسانيّة إلى نيسابور، أوقفه الحافظان أبو زرعة الرازي ومحمّد بن أسلم الطوسي، ومعهما خلق لا يحصون من طلبة العلم والحديث والدراية، فقالا: أيّها السيد الجليل، ابن السادة الأئمة بحقّ آبائك الأطهرين إلاّ ما أريتنا وجهك الميمون المبارك ورويت لنا حديثًا عن آبائك عن جدِّك محمّد (صلى الله عليه وآله).

فقال علي بن موسى الرضا (عليه السلام): "حدثني أبي موسى الكاظم (عليه السلام) عن أبيه جعفر الصادق (عليه السلام) عن أبيه محمد الباقر (عليه السلام) عن أبيه عليّ زين العابدين (عليه السلام) عن أبيه الحسين شهيد كربلا (عليه السلام) عن أبيه عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) أنه قال حدثني حبيبي وقرة عيني رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال حدثني جبرئيل قال سمعت رب العزة سبحانه تعالى يقول كلمة لا إله إلا الله حصني فمن قالها دخل حصني ومن دخل حصني أمن عذابي ثم أرخى الستر على القبة وسار . فعدّوا أهل المحابر والدويّ الذين كانوا يكتبون فأنافوا على عشرين ألفاً"[7].

قال أبو نعيم في حلية الأولياء: هذا حديث ثابت مشهور لهذا الإسناد من رواية الطاهرين عن آبائهم الطيبين... وكان بعض سلفنا من المحدّثين إذا روى هذا الإسناد قال: لو قرئ هذا الإنسان على مجنون لأفاق"[8].

2- خروج الإمام لصلاة العيد
رغم أنّ الإمام (عليه السلام) اشترط على المأمون أن لا يشترك معه في أيّ شيء يتعلّق بالحكم فقد أصرّ المامون في بداية ولاية العهد على الإمام الرضا (عليه السلام) أن يصلّي صلاة العيد بالناس، فرفض الإمام (عليه السلام) وأصرّ المأمون، وبعد إلحاح قبل الإمام (عليه السلام) مشترطًا لى المأمون أن يخرج إلى الصلاة كما كان يخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين (عليه السلام) عليّ بن أبي طالب، فقال له المأمون أخرج كي شئت وأمر القواد والحجاب والناس أن يبكروا إلى باب الرضا (عليه السلام). ومضى الراوي يقول: فقعد الناس لأبي الحسن في الطرقات والسطوح واجتمع النساء والصبيان ينتظرون خروجه ووقف الجند والقادة على بابه حتى طلعت الشمس، فاغتسل أبو الحسن الرضا (عليه السلام) ولبس ثيابه وتعمّم بعمامة بيضاء من قطن فألقى طرفًا منها على صدره وطرفًا بين كتفيه ومس شيئًا من الطيب وأخد بيده عكازًا، وقال لمواليه وخاصته: افعلوا مثل ما فعلت، فخرجوا بين يديه وهو حاف قد شمر سراويله إلى نصف الساق وعليه ثياب مشمرة ومشى قليلاً، ثمّ رفع رأسه إلى السماء وكبر فكبر معه مواليه، ومشى حتى وقف على الباب، فلمّا رآه القواد والجند على تلك الصورة سقطوا كلّهم عن الدوابّ إلى الأرض، وكان أحسنهم حالاً من كان معه سكين فقطع به ربطة حذائه لينزعه من رجله ويمشي حافيًا، ثمّ كبر الرضا على الباب الأكبر وكبر الناس معه وارتفعت أصوات الناس في مرو بالبكاء والتكبير من جميع الجهات، وكان الإمام (عليه السلام) كلّما مشى خطوات وقف وكبر وكبر الناس معه حتى ضجّت المدينة بأصوات المكبّرين وخرج الناس من منازلهم وازدحموا في الشوارع بشكل لم تعهد له المدينة مثيلاً كما تصف ذلك الروايات التي تحدّثت عن خروجه"[9].

لما أخبر المأمون بحال الناس في سيرة الإمام الرضا (عليه السلام) إلى ال...أرسل إليه، "لقد كلّفناك شططًا، وأتعبناك يا ابن رسول الله، ولسنا نحبّ لك إلاّ الراحة، فارجع، وليصلِّ بالناس من كان يصلِّ بهم عن رسمه".

كمالات الإمام الرضا (عليه السلام) في الناس
باعتبار أنّ القلب ينجذب بفطرته إلى الكمال، انجذب الناس القريب منهم والبعيد إلى الإمام الرضا (عليه السلام) في كمالاته التي بهرت الشاعر المعروف أبا نؤاس الذي عوتب لعدم انشاده الشعر في الإمام الرضا (عليه السلام) فأجاب:
"قيل لي أنت أحسن الناس طـــــــــــــرًا      في فنون من الكلام النبيه
لك من جوهر الكلام بــــــــــــــــــــــــديع       يثمر الدرّ في يدي مجتنيه
فعلى ما تركت مدح ابن موسى            والخصال التي تجمّعن فيه
قلت لا أهتدي لمــــــــــــــــــــــــــــــــــــدح إمام     كان جبريل خادمًا لأبيه

 
وقال للإمام (عليه السلام) ذات يوم
 مطهّرون نقيّات ثـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيابهـــــم       تجري الصلاة عـــــــــــــليهم أينما ذكروا
من لم يكن علويًّا حين تنسبـــــــــه        فمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا لــــــــــــــه قديم الدهر مفتخر
فأنتـــــــــــــــــــــــــــــــم الملأ الأعلى وعندكم     علم الكتاب وما جاءت به السور
"
[10]

وعن الإمام الرضا (عليه السلام) قال المأمون: "هذا خير أهل الأرض وأعلمهم وأعبدهم"[11].

وعنه (عليه السلام) قال جاء بن أبي الضحاك: "والله ما رأيت رجلاً كان أتقى لله منه ولا أكثر ذكرًا له في جميع أوقاته، ولا أشدّ خوفًا للهّ عزّ وجلّ"[12].
 
شهادة الإمام (عليه السلام) وزيارته في طوس
خوفًا على عرشه، دسّ المأمون السمّ في عنب أو عصير رمَّان قدّمه إليه لينهي حياته الدنيويّة شهيدًا في سنا آباد عام 203 هـ وهذا ما كان جدّه الإمام الصادق (عليه السلام) قد توقّعه داعيًا إلى زيارة مرقده بقوله: "يخرج ولد من ابني موسى، اسمه اسم أمير المؤمنين إلى أرض طوس، وهي بخراسان، يقتل فيها بالسم فيدفن فيها غريبًا، من زاره عارفًا بحقّه أعطاه الله تعالى أجر من أنفق من قبل الفتح وقاتل"[13].

وكان النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) دعا إلى زيارته فيما روي عنه (صلى الله عليه وآله): "ستدفن بضعة منّي بأرض خراسان لا يزورها مؤمن إلاّ أوجب الله عزّ وجلّ له الجنّة، وحرّم جسده على النار"[14].


[1] الصدوق، محمّد، عيون أخبار الرضا، ج1، ص 26.
[2] المجلسيّ، محمّد باقر، بحار الأنوار، ج49، ص 9.
[3] المجلسيّ، محمّد باقر، بحار الأنوار، ج49، ص 100.
[4] الطوسي، محمّد، اختيار معرفة الرجال، ج2، ص 747.
[5] الأمين، محسن، أعيان الشيعة، ج1، ص 101.
[6] الطبرسي، حسين، مستدرك الوسائل، ج13، ص 141. الفتال النيسابوري، روضة الواعظين، ص 225.
[7] الأمين، محسن، أعيان الشيعة، ج2، ص 18.
[8] عطاردي، عزيز الله، مسند الإمام الرضا (عليه السلام)، (لا،م)، آستان قدس الرضوي، 1406هـ، ج1، ص 44.
[9] الحسني، هاشم، سيرة الأئمة الاثنى عشر، ط1، قم، أمير، ص 394-395.
[10] عزيز الله، عطاردي، مسند الإمام الرضا (عليه السلام)، ج1، ص 180.
[11] الصدوق، محمّد، عيون أخبار الرضا (عليه السلام)، (لا،ط)، بيروت، الأعلمي، 1404هـ، ج2، ص 197.
[12] المجلسيّ، محمّد باقر، بحار الأنوار، ج49، ص 92.
[13] المجلسيّ، محمّد باقر، بحار الأنوار، ج49، ص 286.
[14] الصدوق، محمّد، الأمالي، ص 119.

  • الزيارات: 7486