خصال المؤمن في وصية الإمام الحسن لعلي بن الحسين بن بابويه القمي
من وصية الإمام الحسن العسكري(عليه السلام) لعلي بن الحسين بن بابويه القمي والد الشيخ الصدوق (قدس سره):
خصال المؤمن في وصية الإمام الحسن لعلي بن الحسين بن بابويه القمي
من وصية الإمام الحسن العسكري(عليه السلام) لعلي بن الحسين بن بابويه القمي والد الشيخ الصدوق (قدس سره):
أوصيك ... بتقوى الله، وإقام الصلاة، وايتاء الزكاة، فإنه لا تقبل الصلاة من مانع الزكاة، وأوصيك بمغفرة الذنب، وكظم الغيظ، وصلة الرحم، ومواساة الإخوان، والسعي في حوائجهم في العسر واليسر، والحلم عند الجهل، والتفقه في الدين، والتثبت في الأمور، والتعاهد للقرآن، وحسن الخلق، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال الله تعالى: ( لا خير في كثير من نجويهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس )، واجتناب الفواحش كلها، وعليك بصلاة الليل، فإن النبي صلى الله عليه وآله أوصى عليا عليه السلام، فقال: ( يا علي، عليك بصلاة الليل، عليك بصلاة الليل، عليك بصلاة الليل)، ومن استخف بصلاة الليل فليس منا، فاعمل بوصيتي وأمر جميع شيعتي بما أمرتك به حتى يعملوا عليه، وعليك بالصبر وانتظار الفرج، فإن النبي صلى الله عليه وآله، قال: ( أفضل أعمال أمتي انتظار الفرج )[1].
يمكن أن نستفيد من هذه الوصية ما يوضع في سياق برنامج للمؤمن يتضمَّن العناصر الأساسية في شخصيته ودوره في المجتمع وروحية تعاطيه فيه وكيف يختم أمره بخير. ونعرض البرنامج ضمن العناوين الآتية:
أ- خصال المؤمن في علاقته مع الله
1- التقوى
قال (عليه السلام): "أوصيك بتقوى الله"
ومعنى التقوى المنعة الداخلية والدافع الباطني اللذين يحققان ما ورد في الحديث عن الإمام الصادق(عليه السلام) في تفسير التقوى: "أن لا يفقدك الله حيث أمرك ولا يراك حيث نهاك"[2].
2- إقامة الصلاة
قال (عليه السلام): "أوصيك بـ... إقام الصلاة"
والصلاة تمثل الصلة بين العبد وربّه، وبراق التواصل المعنوي، والمعراج الروحي عبر أفعال وأقوال يشعر فيها العبد أنّه في محضر الله قائماً وراكعاً وساجداً وجالساً وناطقاً وصامتاً، وساكناً ومتحرِّكًا. ومن بين الصلوات تتجلّى صلاة الليل في معراجية المؤمن، لذا كان التأكيد عليها.
3- التعاهد للقرآن...
قال (عليه السلام): "أُوصيك بـ ... التعاهد للقرآن"
والتعاهد أن يبقى الإنسان مواكباً للعهد من خلال مواكبة القرآن قراءة وحفظاً وتدبُّراً وتعظيماً وتبرّكاً.
4- التفقُّه في الدين
قال (عليه السلام): "أوصيك بـ... التفقه في الدين"
والدين هو عقيدة وسلوك، والمؤمن هو العارف بالعقيدة الحقة علماً ثابتاً، وهو العالم بالشريعة الدينية التي يحكمها في كل مسار حياته.
5- اجتناب الفواحش
قال (عليه السلام): أوصيك بـ... اجتناب الفواحش كلّها"
ورد عن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام): "أزهد الناس من ترك الحرام، أشدّ الناس اجتهاداً من ترك الذنوب".
ب- خصال المؤمن في علاقته مع الناس
1- أداء الحقوق الشرعية إلى مستحقيها
قال (عليه السلام): "أوصيك بـ ... إيتاء الزكاة، فإنّه لا تقبل الصلاة من مانع الزكاة".
2- صلة الرحم
قال (عليه السلام): "أوصيك بـ ...وصلة الرحم"
في الحديث عن رسول الله "ص" أنّه قال: "... وصلة الرحم تزيد في العمر وتدفع ميتة السوء وتنفي الفقر وتزيد في العمر..."[3].
3- السعي في قضاء الحوائج
قال (عليه السلام): "أوصيك بـ... السعي في حوائجهم في العسر واليسر"
4- حسن الخُلُق
قال (عليه السلام): "أوصيك بـ...حسن الخلق".
5- التثبُّت في الأمور
قال (عليه السلام): "أُوصيك بـ... التثبت في الأمر"
فالمؤمن لا يتسرع في قراراته وأحكامه على الآخرين.
6- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
قال (عليه السلام): "أوصيك بـ... والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قال الله تعالى: ( لا خير في كثير من نجويهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس).
7- التسامح
قال (عليه السلام): "وأوصيك بمغفرة الذنب".
8- عدم الانفعال
قال (عليه السلام): "أوصيك بـ ... كظم الغيظ".
9- الحلم
قال (عليه السلام): "أوصيك بـ... الحلم عند الجهل".
10- الصبر
قال (عليه السلام): "أوصيك بـ... عليك بالصبر".
ج- خصال المؤمن في علاقته مع الإمام المهدي (عج)
ركَّز الإمام العسكري (عليه السلام) في وصيّته على عنوان "انتظار الفرج"، وهو يتضمّن أمرين أراد الإمام (عليه السلام) أن يتحلّى بهما المؤمن:
الأوّل: الأمل وعدم اليأس مهما حلّ بالأمّة من مآسٍ، فإنّ مآل الأمّة المحتوم هو الفرج والنصر والعودة إلى المبادئ الإلهيّة، والعدالة الاجتماعيّة، والأمان والتطوّر العلميّ، والرفاه الاقتصاديّ.
الثاني: الانتظار، وهو لا يعني المراقبة الصامتة، فإنّ من ينتظر القائد العالميّ لا بدّ أن يحضِّر الأرضيّة المناسبة لحضوره وقيادته عملية التغيير العالميّ، وهذا يعني العمل على إيجاد المجتمع المؤمن القويّ الواعي المجاهد المضحِّي المهاب العامل على إزالة العقبات أمام ظهور ذلك القائد.
وقد أنعم الله علينا ببلاء جغرافيّ يتمثّل أنّنا في موقع المواجهة لعقبتين أساسيتين أمام ذلك الظهور هما التكفيريون والكيان الإسرائيليّ الغاصب.
ولأنّ مسيرتنا مقاومةً ومجتمعًا وعت مفهوم الانتظار الإيجابيّ وعملت على تحقيقه في مواجهة المشروعين العقبتين ووالت القائد الربّاني المسدَّد فقد أنعم الله تعالى عليه بالمدد الإلهيّ بالنصر والعزّة، وما عملية شهداء القنيطرة الأبرار في شبعا إلاّ أحد تجلّيات هذا المدد الربّانيّ الذي يؤكّد ثقتنا بالوعد الإلهيّ، فما عسانا إلاّ أن نردِّد موحدين مكبرين حامدين مسبّحين: الله أكبر كبيرًا والحمد لله كثيرًا وسبحان الله بكرةً وأصيلاً، لا إله إلاّ الله وحده وحده، صدق وعده، ونصر عبده وأعزّ جنده وهزم الأحزاب وحده.
[1] القمي، عباس، الأنوار البهية، ص320.
ملاحظة: يوجد نقاش سنديّ في هذه الرواية، إلا أنه غير مانع من الاستفادة من المضامين العالية الموجودة فيها لا سيما أنها تتناسب مع مضامين واردة في روايات عديدة.
[2] المجلسي، بحار الأنوار، ج67، ص285.
[3] المجلسي، بحار الأنوار، ج 74، ص172.