في رحاب سورة الجمعة

image

محمد (ص) الشعيرة

" وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ

 

سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ "

تتحدث الآية عن طريق الاستقرار الاجتماعي الذي يتحقّق من خلال أمرين:

الأول: رفع سلبيات

بسم الله الرحمن الرحيم
محمد (ص) الشعيرة
" وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ

سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ "
تتحدث الآية عن طريق الاستقرار الاجتماعي الذي يتحقّق من خلال أمرين:
الأول: رفع سلبيات الماضي "كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ ".
الثاني: دفع ما يقلق في المستقبل " وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ"
كيف يحصل هذا الاطمئنان الاجتماعي:
الجواب في هذه الآية: من خلال ثلاثة عناصر:
1- الايمان
2- العمل الصالح
3- الايمان بما نزّل على محمد
العنصر الثالث هو الإضافة اللافتة ؛ فهو يشير إلى أنّ استقرار المجتمع الإسلامي لا يمكن أن

يكون إلا من خلال الإيمان بما نزّل على محمد (ص)، والتركيز على الاسم دون الصفة أو

اللقب أمر لافت؛ إذ لم يقل إلا ما نزل على رسول الله (ص)، بل أصرّ الله تعالى أن يذكر

اسم محمد (ص)، والسُّر في ذلك هو أنّ بقاء الإسلام، لا يكون إلا ببقاء محمد (ص).
من هنا كان رسول الله (ص) حذراً من تبليغ ولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) في

غدير "خم"، لذا أرسل الله إليه رسالة اطمئنان، " يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ

وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ " .
فعصمة الله تعالى ليست العصمة الأمنيّة من القتل وما شابه، بل هي عصمة بقاء محمد

الرسول (ص)؛ لأنّ بقاء محمد (ص) هو بقاء للإسلام، فالخروج على محمد (ص) ليس مجرد

انقسام سياسي في المجتمع الإسلامي، بل هو كفر وخروج عن ذلك المجتمع.
من هنا أعطى الله الضمانة لخاتم الأنبياء (ص) الذي كان يعرف أنه سيرحل عن هذه الدنيا

بعد شهرين وعشرة أيام من تاريخ يوم الغدير، وهو بتلك الضمانة سيبقى رسولاً، وستمتد

رسالته لتحقق وعد الله وهدف الأنبياء والمرسلين، يوم يُظْهِر الله دين محمد (ص) على كلّ

الأديان، فيتحقق حينها وعد الله تعالى هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى

الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ " .
المنهج في بقاء الإسلام ببقاء محمد (ص)
لارتباط الإسلام حدوثاً وبقاءً بمحمد (ص) أكّد الإسلام قرآناً وسُنّةً وعترةً على خطوات

لتحقيق ذلك منها:
1- محمد (ص) في القرآن.
تكرّر ذكر اسم رسول الله محمد (ص) في القرآن الكريم، بل سميت سورة باسم محمد (ص).
2- محمد (ص) في الأذان والإقامة.
شرّع الله تعالى أن يقال في كل أذان وإقامة أشهد أن محمداً رسول الله (ص).

3- محمد (ص) في الصلاة.
شرّع الله تعالى في الصلاة الشهادة أمام الله تعالى بعبودية محمّد(ص) ورسوليّته بقول المصلّي:

"أشهد أنّ محمداً عبده ورسوله".
كما أن اللافت هو تشريع الله تعالى زيارة رسول الله (ص) بقول المصلي: "السلام عليك أيها

النبي ورحمة الله وبركاته" مع أنّ مقام الصلاة هو التوجه إلى الله تعالى.
4- الصلاة على محمد (ص)
دعانا الله تعالى أن نصلي على النبي محمد (ص) بأمرنا بذلك في قوله تعالى: "• إِنَّ اللَّهَ

وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ".
عن الإمام الصادق(ع):" من كانت له إلى الله عز وجل حاجة فليبدأ بالصلاة على محمد وآله

، ثم يسأل حاجته ، ثم يختم بالصلاة على محمد وآل محمد ، فإن الله عز وجل أكرم من أن

يقبل الطرفين ويدع الوسط إذ كانت الصلاة على محمد وآل محمد لا تحجب عنه" .
وعن الإمام الرضا(ع):" من لم يقدر على ما يكفِّر به ذنوبه, فليكثر من الصلاة على محمد

وآل محمد, فإنها تهدم الذنوب هدماً" .
وعن الإمام أبي جعفر(ع):" ما من شيء يُعبد الله به يوم الجمعة أحبّ إليّ من الصلاة على

محمد وآل محمد" .
وعن الإمام الباقر أو الصادق عليهما السلام: " أثقل ما يوضع في الميزان يوم القيامة الصلاة

على محمد وأهل بيته" .
5- تسمية الأبناء باسم محمّد (ص):
عن رسول الله (ص): "من ولد له ثلاثة بنين ولم يسمِّ أحدهم محمداً فقد جفاني" .
وعن الإمام الصادق (ع): "لا يولد لنا مولود إلا سميناه محمداً، فإذا مضى سبعة أيام، فإذا

شئنا غيّرنا وإلا تركنا" .
وعن رسول الله (ص): "بورك لبيت فيه محمد ومجلس فيه محمد، ورفقة فيها محمد" .
عن الإمام الرضا(ع): "لا يدخل الفقر بيتاً فيه اسم محمد" .
وعن أبي جعفر (ع): "إنّ الشيطان إذا سمع منادياً ينادي يا محمد، يا علي، ذاب كما يذوب

الرصاص" .
6- عدم مسّ اسم محمّد (ص) من دون طهارة:
احتاط الفقهاء بمس اسم محمد (ص) دون طهارة باعتبار القداسة التي تنتقل من المعنى إلى

الحبر والمداد.
فكان اسم محمد (ص) صنو القرآن لا يمسّه إلا المطهرون.
بهذه الخطوات التي واكبها الله تعالى في مخططه لمسيرة البشرية عصم محمد (ص) من الزوال، بل

عصمه من التشويه رغم كل المحاولات الهادفة إلى ذلك.
إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا (1) لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ
الفتح هو فتح العقول والقلوب على كمال محمد (ص).
ومغفرة الذنب المتقدم هو رفع لدعاية مشركي مكة ومن سار معهم.
ومغفرة الذنب المتأخر هو دفع لدعايات التشويه في مستقبل الإسلام أن تطال من طهره

ونقائه ودوره و رسالته.
حاولوا في القرن الإسلامي الأول أن يقضوا على محمد (ص) الرسالة، فكانت عاشوراء

لتحفظ محمداً ورسالته.
وحاولوا بعد ذلك وما زالوا يحاولون أن يشوِّهوا من صورة محمد (ص) تارةً عبر آيات شيطانية

بريطانية، وتارة عبر رسوم هولندية وغير هولندية، وتارة أخرى عبر منع المآذن السويسرية التي

تصدع باسمه المبارك و لكن مع كل ذلك بقي وسيبقى محمد (ص).

  • الزيارات: 713