
الحسين (ع) في بيت عليّ (ع)
الحسين (ع) في بيت علي (ع)
قبل الولادة
من الثابت أنّ للوراثة دوراً مهمّاً في تكوين شخصيّة الإنسان، وقد توافقت النصوص الدينيّة مع
الاكتشافات العلميّة الحديثة في هذا المجال، فقد ورد في
بسم الله الرحمن الرحيم
الحسين (ع) في بيت عليّ (ع)
الحسين (ع) في بيت علي (ع)
قبل الولادة
من الثابت أنّ للوراثة دوراً مهمّاً في تكوين شخصيّة الإنسان، وقد توافقت النصوص الدينيّة مع
الاكتشافات العلميّة الحديثة في هذا المجال، فقد ورد في الحديث المعروف «العرق دسَّاس» وجاء هذا
المضمون على لسان علماء الوراثة ك(مِنْدِلْ) الذي قال: «إنَّ كثيراً من الصفات الوراثيّة تنتقل بدون
تجزئة أو تغيّر من أحد الأصلَيْن أو منهما إلى الفرع» .
وفي بيت الإمام عليّ (ع) ثلاثة نماذج لعب العِرق فيها دوراً بارزاً:
النموذج الأوّل: محمّد بن الحنفيّة الذي ورد أنّ أباه أمير المؤمنين (ع) طلب منه يوم الجمل أن يحمل
على القوم، فتوقّف قليلاً، ثم كرَّر عليه أبوه الإمام (ع) قائلاً له: «إحمِل»، فأجابه: يا أمير المؤمنين،
أما ترى السهام كأنّها شآبيب المطر؟!! فدفعه الإمام في صدره وقال له: «أدركك عِرقٌ من أُمِّك» .
النموذج الثاني: أبو الفضل العبّاس وأخوته الذين أراد لهم أبوهم الإمام عليّ (ع) أن يكونوا من أنصار
أخيهم الحسين (ع) في كربلاء، فسأل عن امرأة تنتسب إلى بيت شجاعة وإقدام ليجدها في أُمّهم أمّ
البنين، فقد ورد عن كتاب عمدة الطالب أنّ أمير المؤمنين قال لأخيه عقيل - وكان نسَّابة عالماً بأخبار
العرب وأنسابهم - : أبغني امرأة قد ولدتها الفحولة من العرب؛ لأتزوَّجها فتلد لي غلاماً فارساً. فقال
له: أين أنت من فاطمة بنت حزام بن خالد الكلابيّة، فإنّه ليس في العرب أشجع من آبائها ولا
أفرس. فتزوّجها أمير المؤمنين (ع)، فوُلد له وأنجبت وأوَّل ما ولدت العبّاس» .
النموذج الثالث: الحسن والحسين (عليهما السلام) اللّذان جمعا كمال الوراثة.
فأبوهما: عليّ (ع) النور الثاني في عالم الأنوار، والمولود الأوّل في بيت الله الحرام، والذي قال فيه النبيّ
(ص): «يا عليّ، لو لا أنّي أخشى أن تقول فيك فئة من الناس ما قالت النصارى في عيسى بن مريم
لقلت فيك مقالةً، ألّا تمرَّ على أحد من الناس إلاَّ وأخذوا التراب من تحت قدميك» .
وأُمُّهما: فاطمة الزهراء: النور الثالث في عالم الأنوار، تكوَّنت نطفتها من ثمرة شجرة الجنّة طوبى» ،
سيّدة نساء العالمين من الأوّلين والآخرين .
إنْ قيل حوّا، قلتُ فاطمَ فَخْرُها
أو قيلَ مريمُ قلت فاطمَ أفضلُ
أَفَهل لمريمَ والدٌ كمحمَّدٍ؟!
أم هل لمريمَ مثلُ فاطمَ أَشْبُلُ؟!
الحسين (ع) المولود
وفي شهر شعبان ولد الإمام الحسين (ع)، وكان يوم الفرح الأكبر لولا دمعةٌ انسكبت من عين رسول
الله (ص) الذي احتضن سبطه الحسين وأخذ يبكي، قالت له أسماء: فداك أبي وأمي ممَّ بكاؤك؟!!
فأجابها صلوات الله عليه وآله: «من ابني هذا! تقتله الفئة الباغية من بعدي لا أنالهم الله شفاعتي» .
واحتضن النبيّ (ص) حسيناً ليُسمعَه من فمه المبارك أوّل كلمة في الحياة الدنيا.
ما هي هذه الكلمة؟!
أدنى النبيّ (ص) فمه الطاهر ناحية أذن الحسين اليمنى، وقال: «الله أكبر، الله أكبر» فأذَّن فيها ثم
أقام في أذنه اليسرى ، فكانت كلمة «الله» أوّل كلمة دخلت أذن الحسين (ع)، وقد ورد في الخبر أنّ
ذلك عصمة للمولود من الشيطان الرجيم .
تسمية الحسين (ع)
واختار النبيّ (ص) لسبطه اسم الحسين (ع)، وقال المؤرّخون: لم تكن العرب في جاهليّتها تعرف هذا
الاسم، وإنما سمَّاه النبيّ به بوحي من السماء .
وهو (ص) الذي كان يردِّد: «من حقّ الولد على الوالد أن يحسّن اسمه وأدبه» .
وهذا درسٌ لنا في تسمية أولادنا بأحسن الأسماء، وأيُّ الأسماء أحسن من أسمائهم أهل البيت، وقد
جاء أحدهم عند الإمام الصادق (ع) وقال له: جعلت فداك إنّا نسمي بأسمائكم وأسماء آبائكم،
فينفعنا ذلك؟
فقال (ع): أي والله وهل الدين إلاَّ الحبّ؟! قال الله تعالى: }إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ
وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ{ .
غذاء الحسين (ع)
واشتدَّت العَلاقة الحميمة بين النبيّ (ص) وسبطه الحسين (ع) حينما مرضت أمُّه فاطمة (ع) بعد أن
أولدته وجفَّ لبنها، فكان النبيّ (ص) يأتيه، فيضع إبهامه في فمه، فيمصّ منه الحسين (ع)، كما كان
النبيّ (ص) يجعل لسانه في فمه ليغذِّيَه بريق النبوّة وهو يقول:
«إيهاً حسين، إيهاً حسين، أبى الله إلاَّ ما يريد هو (أي الإمامة) فيك وفي وُلْدِك» .
وفي هذا يقول الشاعر:
ذادوا عن الماء ظمآناً مَراضِعهُ
من جدِّه المصطفى الساقي أصابعُه
يعطيه إبهامَه آناً وآونةً
لسانَه فاستوت منه طبائعُه
غرسٌ سقاهُ رسولُ الله من يدهِ
وطابَ من بعدِ طيبِ الأصلِ فارعُه
وحرص النبيّ (ص) على غذاء الحسين (ع) فكان يتابعه بدقة، فقد ورد أنّ تَمْرَ صدقة أُتي به إلى النبيّ
(ص)، فاقترب الحسين نحو التمر، فإذا بالنبيّ (ص) يتدخَّل قائلاً للحسين (ع): «لا تَحِلُّ لنا
الصدقة» .
وكلام النبيّ (ص) هذا إشارة منه إلى تأثير الغذاء المحرَّم على مستقبل الطفل. من هنا حرص الإسلام
على أن يكون طعام الأطفال من الحلال الطاهر لما له من أثر إيجابيّ في البناء الروحيّ للإنسان.
وهذا ما تحكيه لنا قصّة الشريفين المرتضى والرضيّ حينما اقتسما ميراث أبيهما بعد موته، فبقي كتاب
واحد لهما، فقال الشريف الرضيّ - وهو جامع نهج البلاغة - لأخيه وهو يحاول أن يكون الكتاب
له: «إنّ هذاالكتاب يكون لمن لم يفعل حراماً في حياته»، وأراد أن يأخذ الكتاب، ففاجأ أخوه السيِّد
المرتضى - وهو مرجع الشيعة في عصره - إنّ هذا الكتاب يكون لمن لم يفكِّر في حياته بفعل الحرام،
فأنا آخذه».
وحينما نرجع إلى تاريخ هذين العظيمين لندرس عوامل تربيتهما نجد أنّ أمَّهما كانت لا ترضعهما إلاَّ
عن وضوء، وهذا ما يؤكّد أنّ الغذاء الطاهر، والآداب المعنويّة في التربية لها الأثر الكبير في مستقبل
الأولاد.
يقول الشاعر، وهو يصف تأثير أمّه المؤمنة في ولائه لأهل البيت R:
لا عذَّبَ اللهُ أُمِّي إنَّها شربَتْ
حبَّ الوصيِّ وغذَّتنيهِ باللَّبنِ
وكان لي والدٌ يهوى أبا حسنٍ
فصرتُ من ذي وذا أهوى أبا حسنِ
رفيق الحسين (ع) في طفولته
وكان الحسين الطفل كلّما كبر كلّما زاد تعلُّق رسول الله (ص) به، فكان يراقبه حينما يلعب مع
الأطفال، إذ يُروَى أنّ رسول الله (ص) كان يوماً مع جماعة من أصحابه مارًّا في بعض الطرق، وإذا هُم
بصبيان يلعبون، فجلس النبيّ (ص) عند صبيٍّ منهم، وجعل يقبِّل ما بين عينيه، ويلاطفه، ثمّ أقعده في
حجره، وهو مع ذلك يكثر تقبيله، فقال له بعض أصحابه: يا رسول الله، لا نعرف هذا الصبيَّ الذي
شرَّفته بتقبيلك وجلوسك عنده، وأجلسته في حجرك، ولا نعلم ابن من هو. فقال (ص): يا أصحابي لا
تلوموني فإنّي رأيت هذا الصبيَّ يوماً يلعب مع الحسين (ع) ورأيته يرفع التراب من تحت قدمَيْه، ويمسح
به وجهه وعينيه مع صغر سنّه، فأنا من ذلك اليوم بقيت أحبُّ هذا الصبيَّ حيث إنّه يحبّ ولدي
الحسين (ع)، فأحببته لحبِّ الحسين(ع)، وفي يوم القيامة أكون شفيعاً له ولأبيه ولأمّه كرامة له، ولقد
أخبرني جبرئيل أنّه يكون هذا الصبيّ من أهل الخير والصلاح، ويكون من أنصار الحسين في وقعة
كربلاء، فلأجل هذا أحببته وأكرمته» .
الحسين (ع) في سورة الدهر
وترعرع الحسين(ع) في البيئة الطاهرة تحت رعاية الأنوار الثلاثة الأولى محمّد (ص) وعليّ (ع)
وفاطمة(ع)، وشاء الله تعالى أن يُعرِّف الناس كرامته حينما بشَّره بالجنّة وهو طفل صغير، وذلك حين
مرض الحسن (ع) والحسين (ع) فنذر أبوهما عليّ وأمُّهما فاطمة، إن عافاهما الله، أن يصوما ثلاثة
أيّام، وكذا فعل الحسن والحسين (عليهما السلام) مع صغر سنّهما، واقتدت بهم خادمتهم فضّة.
وحينما برئا، أصبحوا صياماً وليس عندهم طعام، فانطلق عليّ (ع) إلى يهوديّ وأخذ منه جزّة من
صوف على أن تغزلها السيّدة الزهراء (ع) مقابل ثلاثة أصوُع من الشعير، فغزلت (ع) ثلث الصوف
ثمّ طحنت صاعاً من الشعير وعجنته، وخبزت منه خمسة أقراص، فلما جلسوا خمستهم ليتناولوا الطعام
إذا مسكين على الباب يقول: السلام عليكم يا أهل بيت محمّد، أنا مسكين من مساكين المسلمين
أطعموني ممّا تأكلون أطعمكم الله من موائد الجنّة، فوضع عليّ (ع) اللّقمة من يده وأعطى قرصه
للمسكين، وكذا فعلت فاطمة (ع) وكذا فعل الحسنان (عليهما السلام)، فباتوا جياعاً وأصبحوا
صياماً، ولم يذوقوا إلاَّ الماء. وفي اليوم الثاني غزلت السيدة فاطمة (ع) ثلث الصوف الآخر وطحنت
صاعاً من الشعير وعجنته وخبزته خمسة أقراص، فلمّا جلسوا خمستهم ليتناولوا الطعام إذا يتيم على
الباب يقول: السلام عليكم يا أهل بيت محمّد، أنا يتيم من يتامى المسلمين أطعموني مما تأكلون
أطعمَكم الله من موائد الجنّة، فدفع جميعهم الطعام إلى هذا اليتيم وباتوا جياعاً وقاموا صياماً، وتكرَّر
المشهد في اليوم الثالث حينما وقف على الباب أسيرٌ من أسرى المشركين يقول: السلام عليكم يا أهل
بيت محمّد، تأسروننا وتشدّوننا ولا تطعموننا، ففعلوا كما فعلوا بالأمس وقبله، وباتوا جياعاً، واستيقظوا
ليأتي إليهم نبيُّ الإسلام بالبشرى الكبرى وهو قوله تعالى:}يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ
مُسْتَطِيرًا * وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ
جَزَاء وَلَا شُكُورًا *إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا * فوقاهم الله شرَّ ذلك اليوم ولقاهم نضرةً
وسروراً * وجزاهمبما صبروا جنةً وحريراً...{ .
الحسين (ع) في آية المباهلة
وأراد الله تعالى أن يعرِّف الناس كرامة الحسين (ع) وهو صغير حينما جاء وفدٌ من نصارى نجران
ليناظروا النبيّ الأكرم(ص)، وبعد حديث بينهم وبين النبيّ (ص) اتفقوا على الإبتهال أمام الله ليجعل
تعالى لعنته على الكاذبين، وعيَّنوا لذلك وقتاً محدَّداً... وفي ذلك الوقت خرج السيّد النصرانيّ والعاقب
بولديهما وعليهما الحُلِيُّ والحُلَلُ ومعهم نصارى نجران، واحتشدت الجماهير لتنظر وفد المسلمين فإذا
بهم يرون نبيّ الإسلام قد أقبل وهو يحتضن الحسين (ع)، ويمسك بيده الأخرى الحسن (ع) وخلفه
الإمام عليّ (ع) والسيّدة الزهراء (ع) وهو يقول لوفد النصارى: «أبُاهلكم بخير أهل الأرض،
وأكرمهم إلى الله».
فرجعوا إلى زعيمهم الأسقف يستشيرونه في الأمر، فقال لهم: «أرى وجوهاً لو سأل الله بها أحدٌ أن
يزيل جبلاً من مكانه لأزاله».
فأسرعوا إلى النبيّ قائلين: «يا أبا القاسم، أقِلْنا أقال الله عَثْرتك» .
ووثَّق القرآن هذه الحادثة العظيمة بقول الله تعالى: }فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ
تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةُ اللهِ عَلَى
الْكَاذِبِينَ{ .
الحسين (ع) تحت كِساء العِصْمة
واستمرت العناية الربَّانية بالحسين (ع) الطفل حينما قدمت أمه الزهراء فاطمة (ع) إلى أبيها النبي
(ص)، فقال لها (ص): «ادعي زوجك وابنيك» فجاءت بهما ليجلّلهم بكساء ويقول: «اللّهمّ هؤلاء
أهل بيتي وخاصّتي أَذهِبْ عنهم الرّجسَ وطهِّرهم تطهيراً» .
ويتلو النبيّ (ص) آية العصمة التي أخبرت عن عصمة الحسين وأبيه وأمّه وأخيه }إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ
عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا{ .
الحسين (ع) في صباه: أسلوب الدعوة
ومضت الأيّام ليظهر الحسين (ع) على مسرح الحياة وهو صبيّ يدعو إلى الله بالحكمة والموعظة
الحسنة، فقد رُوي أنّ الحسن والحسين (عليهما السلام) رأيا أعرابيّاً يتوضّأ بشكل خاطىء، فتقدّما
وطلبا منه أن يشرف على وضوئيهما ليعرفا أيّ الوضوءين أحسن! فقال الحسين (ع) للأعرابي: «أيّنا
يحسن الوضوء؟ فأجاب الأعرابي: كلاكما تحسنانه، روحي لكما الفداء، ولكن أنا الذي لا أحسنه» .
يُعلّمنا الحسين(ع) في هذه القصة كيف ندعو إلى الله تعالى بما يُقرِّب الآخرين إلى الإسلام بالأسلوب
الهادىء الحكيم، لا كما يفعل بعض الناس الذين يُنفّرون الناس من الدين والإيمان، كذلك الشخص
المسلم الذي أسلم جاره النصرانيّ وبعد إسلامه طرق عليه بابه عند الفجر ففتح الباب متفاجئاً، ما
الأمر؟ فطلب منه المسلم أن يذهبا إلى المسجد لأداء صلاة الفجر، فذهبا وبعد الصلاة أراد من كان
نصرانيّاً الرجوع إلى بيته، إلاَّ أنّ جاره أصرَّ عليه أن يقرأ القرآن لا سيّما أنّ الوقت بين الفجر وطلوع
الشمس من الأوقات المباركة... طلعت الشمس لكنّ جاره لم يدعه يذهب إلى بيته إذ أخذ يلقّنه
أدعية مستحبّة في ذلك الوقت إلى أن جاء وقت صلاة الظهر فصلّى، وحين همَّ بالذهاب إلى بيته
استبقاه جاره في المسجد لقراءة بعض الأدعية حتى يأتي وقت صلاة العصر، وحلّ وقت العصر، وأبى
جاره إلاَّ استبقاءه لصلاة المغرب ولم يدعه يرجع إلى بيته إلاَّ بعد صلاة العشاء.
وفي اليوم التالي جاء المسلم عند الفجر، وطرق باب جاره «النصرانيّ سابقاً»، ففتح له الباب، وسأله:
ما الأمر؟ فطلب منه الذهاب معه إلى المسجد، لكنَّه تفاجأ حينما أجابه النصرانيّ: «اذهب يا هذا،
وابحث لدينك عن رجل غيري، فإنّي رجل ذو عيال».
وقد ورد أنّ أحدهم روى هذه القصّة للإمام الصادق (ع) الذي علَّق عليها بأنّ من أدخله في
الإسلام هو الذي يتحمَّل مسؤوليّة خروجه منه.
من أخلاق الحسين (ع)
وكبر الحسين (ع) ليتجلَّى فيه خُلُق النبيّ (ص) وأدب عليّ (ع) وجلال فاطمة (ع)، فكان العابد
الذي يقضي أكثر أوقاته مشغولاً بالصلاة والصوم، حتى قال عنه ابن الزبير: «أما والله لقد قتلوه
طويلاً بالليل قيامه كثيراً في النهار صومه» .
وكان الحليمَ عند القدرة، فقد ورد أنّ بعض مواليه جنى جناية توجب التأديب فأمر الحسين (ع)
بتأديبه.
فانبرى العبد قائلاً:
- يا مولاي: إن الله تعالى يقول: «الكاظمين الغيظ».
- فقال الحسين (ع): «خلّوا عنه، فقد كظمت غيظي».
- فسارع العبد قائلاً: «والعافين عن الناس».
- فأجابه الحسين (ع): «قد عفوت عنك».
- فطلب العبدالمزيد بقوله: «واللهُ يُحبُ المحسنين».
- فإذا بالحسين (ع) يفصح عن أخلاقه النبويّة بقوله: «أنت حرٌّ لوجه الله».
ثمّ أمر بجائزة سنيَّة تغنيه عن الحاجة ومسألة الناس .
هذا هو الحسين (ع) وهذه هي أخلاق الحسين (ع) فلنتَّخذ منه القدوة، ومن أخلاقه قبس الإهتداء.