عيد الغدير

عيد الغدير

قال الله تعالى: ﴿يا أيها الرسول بلِّغ ما أُنزل إليك من ربِّك وإن لم تفعل فما بلَّغت رسالتك والله يعصمك من الناس﴾.

في الآية كلام خطير، فالله تعالى يطلب من النبي (صلى الله عليه وآله) أن يبلِّغ أمراً مهمّاً تبلغ أهميته درجة هي أن عدم تبليغه ينعكس على تبليغ كامل رسالته، فلو لم يبلغه فهو لم يبلِّغ رسالته، ترى ما هو هذه الأمر الخطير؟

الجواب حديث متواتر عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قاله بعد عودته من حجّة الوداع حينما وصل إلى منطقة الجحفة حيث جمع الناس وخطب فيهم مبلغاً ما أمره الله أن يبلِّغه.

وقد نقل العلامة الأميني هذا الحديث عن ثلة من كبار علماء أهل السنّة باللفظ الآتي: "إنّ النبي (صلى الله عليه وآله) قد جمع الناس يوم غدير خ موضع بين مكة والمدينة بالجحفة وذك بعد رجوعه من حجة الوداع، وكان يوماً صائفاً حتى أن الرجل ليضع رداءه تحت قدميه من شدَّة الحرّ، وجمع الرجال، وصعد عليها، وقال مخاطباً: معاشر المسلمين ألست أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: اللهم بلى، قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله"[1].
وقد ورد أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) ردَّد قوله: "من كنت مولاه فعلي مولاه" ثلاث مرّات، وفي لفظ أحمد بن حنبل أربع مرات[2].

وورد أنّ الشاعر حسّان بن ثابت استأذن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يقول شعراً، فأذن له (صلى الله عليه وآله)، فقال: يا معشر مشيخة قريش اسمعوا قولي بشهادة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ثم قال:
يناديهم بيوم الغدير نبيّهم           بخم وأسمع بالرسول مناديا
يقول فمن مولاكم ووليّكم          فقالوا ولم يبدوا هناك التعاميا
إلهك مولانا وأنت وليّنا             ولا تجدن منا لأمرك عاصيا
فقال له قم يا علي فإنني           رضيتك من بعدي إماماً وهاديا
[3]

إنّها ليست المرّة الأولى التي يبلِّغ فيها النبي (صلى الله عليه وآله) أنّ علياً هو الولي والوصي والخليفة بعده، إلاّ أنّ ميرزة حديث الغدير أنّه تتويج أمام الملأ العام الذي ورد أنّهم كانوا عدداً كبيراً جداً أحصاه بعضهم بمئة وعشرين ألفاً من الحجيج، فهو حفل تنصيب عام، حيث تعمَّد النبي (صلى الله عليه وآله) أن يقوم بما يتناسب وقيمة هذه المناسبة فهو (صلى الله عليه وآله):
1"- أمر أن يوضع منبر عال يطلّ من خلالها على الجماهير المحتشدة، فصنع له منبر من أقتاب الجمال.
2"- صلّى ركعتين قبل أن يصعد إلى المنبر.
3"- أمر علياً أن يصعد المنبر ليراه الناس ويعرفوه بشخصه، ورفع يده بيده حتى رؤي بياض إبطيهما.
4"- ألبس النبيُ (صلى الله عليه وآله) الإمامَ علياً (عليه السلام) عِمَامَتَهُ.
5"- نصب خيمة لتهنئة الإمام علي (صلى الله عليه وآله) بهذا المنصب الإلهي. حتّى ورد أنّ عمر بن الخطاب أقبل وهنّأ علياً قائلاً: بخٍ بخٍ لك يا عليّ، أصبحتَ مولى كلِّ مؤمنٍ ومؤمنةٍ.


[1]  الأميني، الغدير، ج1، ص8.
[2]  الأميني، الغدير، ج1، ص8.
[3]  الشريف المرتضى، الرسائل، ج4، ص131.

  • الزيارات: 383