محمد (ص) الشعيرة

بسم الله الرحمن الرحيم
محمد (ص) الشعيرة
قال الله تعالى: " ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ " 1.
شعائر الله هي الأعلام الظاهرة الرابطة بالله تعالى، كالصفا والمروة اللتين قال الله تعالى فيهما: " إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ " 2، وكالكعبة الشريفة التي ورد فيها استحباب خطابها بقولنا: "الحمد لله الذي عظّمك وشرّفك" 3.
وقد اعتبر الله تعالى أنّ تعظيم الشعيرة الظاهرة مدخلاً لتقوى الأنفس والقلوب الباطنة.
وعند استقراء شعائر الله نجد فيها شعيرة بارزة هي اسم محمّد (ص) الذي أدخله الله تعالى في مواضع كثيرة للدلالة على قدسه الراجع إلى قدس النبيّ (ص) ومن هذه المواضع:
1- محمد (ص) في القرآن.
تكرّر ذكر اسم رسول الله محمد (ص) في القرآن الكريم، بل سميت سورة باسم محمد (ص).
2- محمد (ص) في الأذان والإقامة.
شرّع الله تعالى أن يقال في كل أذان وإقامة أشهد أن محمداً رسول الله (ص).
3- محمد (ص) في الصلاة.
شرّع الله تعالى في الصلاة الشهادة أمام الله تعالى بعبودية محمّد(ص) ورسوليّته بقول المصلّي: "أشهد أنّ محمداً عبده ورسوله".
كما أن اللافت هو تشريع الله تعالى زيارة رسول الله (ص) بقول المصلي: "السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته" مع أنّ مقام الصلاة هو التوجه إلى الله تعالى.

4- الصلاة على محمد (ص)
دعانا الله تعالى أن نصلي على النبي محمد (ص) بأمرنا بذلك في قوله تعالى: " إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا" 4.
عن الإمام الصادق(ع):" من كانت له إلى الله عز وجل حاجة فليبدأ بالصلاة على محمد وآله ، ثم يسأل حاجته ، ثم يختم بالصلاة على محمد وآل محمد ، فإن الله عز وجل أكرم من أن يقبل الطرفين ويدع الوسط إذ كانت الصلاة على محمد وآل محمد لا تحجب عنه" 5.
وعن الإمام الرضا(ع):" من لم يقدر على ما يكفِّر به ذنوبه, فليكثر من الصلاة على محمد وآل محمد, فإنها تهدم الذنوب هدماً" 6.
وعن الإمام أبي جعفر(ع):" ما من شيء يُعبد الله به يوم الجمعة أحبّ إليّ من الصلاة على محمد وآل محمد" 7.
وعن الإمام الباقر أو الصادق عليهما السلام: " أثقل ما يوضع في الميزان يوم القيامة الصلاة على محمد وأهل بيته" 8.
5- تسمية الأبناء باسم محمّد (ص):
عن رسول الله (ص): "من ولد له ثلاثة بنين ولم يسمِّ أحدهم محمداً فقد جفاني" 9.
وعن الإمام الصادق (ع): "لا يولد لنا مولود إلا سميناه محمداً، فإذا مضى سبعة أيام، فإذا شئنا غيّرنا وإلا تركنا"1 0.
وعن رسول الله (ص): "بورك لبيت فيه محمد ومجلس فيه محمد، ورفقة فيها محمد" 11.
عن الإمام الرضا(ع): "لا يدخل الفقر بيتاً فيه اسم محمد" 12.
وعن أبي جعفر (ع): "إنّ الشيطان إذا سمع منادياً ينادي يا محمد، يا علي، ذاب كما يذوب الرصاص" 13.
6- عدم مسّ اسم محمّد (ص) من دون طهارة:
احتاط الفقهاء بمس اسم محمد (ص) دون طهارة باعتبار القداسة التي تنتقل من المعنى إلى الحبر والمداد.
فكان اسم محمد (ص) صنو القرآن لا يمسّه إلا المطهرون.
بهذه الخطوات التي واكبها الله تعالى في مخططه لمسيرة البشرية عصم محمد (ص) من الزوال، بل عصمه من التشويه رغم كل المحاولات الهادفة إلى ذلك.
"إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا (1) لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ" 14.
الفتح هو فتح العقول والقلوب على كمال محمد (ص).
ومغفرة الذنب المتقدم هو رفع لدعاية مشركي مكة ومن سار معهم.
ومغفرة الذنب المتأخر هو دفع لدعايات التشويه في مستقبل الإسلام أن تطال من طهره ونقائه ودوره و رسالته.
حاولوا في القرن الإسلامي الأول أن يقضوا على محمد (ص) الرسالة، فكانت عاشوراء لتحفظ محمداً ورسالته.
وحاولوا بعد ذلك وما زالوا يحاولون أن يشوِّهوا من صورة محمد (ص) تارةً عبر آيات شيطانية بريطانية، وتارة عبر رسوم هولندية وغير هولندية، وتارة أخرى عبر منع المآذن السويسرية التي تصدع باسمه المبارك و لكن مع كل ذلك بقي وسيبقى محمد (ص).

1 سورة الحجّ، الآية 32.
2 سورة البقرة، الآية 158.
3 الصدوق، محمّد، المقنّع، ص 255.
4 سورة الأحزاب، الآية 56.
5 الكليني, الكافي, ج2, ص 494.
6 البحراني, الحدائق الناضرة, ج8, ص 471.
7 المصدر السابق, ج10, ص 197.
8 الحر العاملي, وسائل الشيعة, ج4, ص 1214.
9 المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، ج101، ص130.
10 المصدر السابق، ج101، ص131.
11 المصدر السابق، ج16، ص240.
12 المصدر السابق، ج101، ص131.
13 الكليني، محمد بن يعقوب، أصول الكافي، ج6، ص20.
14 سورة الفتح, الآيتان 1-2.