الولاية في مدرسة الحسين (عليه السلام)
قال الله تعالى في كتابه المجيد: ﴿يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم﴾1.
طاعة الله
إنّ عقل الإنسان كما يدلّه على معرفة الله تعالى يدلّه على وجوب طاعته في كلّ شؤون حياته، وبهذا يتحقّق معنى العبوديّة التي يترك الإنسان فيها ما تستهويه نفسه من ذوق خاصّ يبعده عن طاعة ربّ العالمين، فينساق لأمر الله منطلقاً من معرفته بأنّه العليم الحكيم.
وبهذا يتجنّب الإنسان أن يقع في مشكلة إبليس الذي انجذب لهواه بعيداً عن طاعة ربِّه. وقد ورد في الرواية عن الإمام الصادق (عليه السلام): «أُمر إبليس بالسجود لآدم، فقال: يا ربّ وعزِّتك إن أعفيتني من السجود لآدم (عليه السلام) لأعبدك عبادة ما عبدك أحد قطُّ مِثلَها، قال الله جلَّ جلاله: إنّي أحبّ أن أُطاع من حيث أريد»2.
طاعة الرسول
وأراد الله أن تكون طاعته عبر طاعة خاتم الأنبياء محمّد (صلى الله عليه وآله) التي تنطلق من الإيمان بعصمة النبيّ الكريم التي أخبر الله عنها بقوله: ﴿مَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾3، وقد أخبر الله تعالى عن إرتباط المؤمنين بالرسول الأكرم، وإطاعتهم له بأبلغ تعبير في ما قال تعالى: ﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ﴾4.
وقد سُئل النبيّ (صلى الله عليه وآله): «ما هذه الولاية التي أنت أولى بها من أنفسنا؟ فأجاب: السمع والطاعة فيما أحببتم وكرهتم»5؛ لأنّ طاعة النبيّ (صلى الله عليه وآله) ليست طاعة لشخص تنطلق أوامره من ذاتيّاته، بل من إرادة الله سبحانه وتعالى، من هنا فإنّ أمر النبيّ (صلى الله عليه وآله) ونهيه مقدَّمان على ما تهوى النفس وتميل إليه، وهذا ما أكَّده صلوات الله عليه وآله حينما قال: «لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به»6.
طاعة أولي الأمر
وفرض الله على الناس إطاعة أولي الأمر منهم بعد طاعة الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله)، وقد روى جابر بن عبد الله الأنصاري أنه «لما أنزل الله عزّ وجلّ على نبيه محمّد (صلى الله عليه وآله) ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ﴾ قلت: يا رسول الله عرفنا الله ورسوله، فمن «أولي الأمر» الذين قرن طاعتهم بطاعته؟
فقال (صلى الله عليه وآله): «هم خلفائي يا جابر، وأئمّة المسلمين من بعدي، أوّلهم عليّ بن أبي طالب، ثمّ الحسن، ثم الحسين، ثمّ علي بن الحسين، ثمّ محمّد بن عليّ المعروف في التوراة بالباقر، وستدركه يا جابر فإذا لقيته فاقرأه منّي السلام، ثمّ الصادق جعفر بن محمّد، ثمّ موسى بن جعفر، ثمّ عليّ بن موسى، ثمّ محمّد بن عليّ، ثمّ عليّ بن محمّد، ثمّ الحسن بن عليّ، ثمّ سَمِيِّي محمّد وكُنِيِّي حجّة الله في أرضه وبقيّته في عباده ابن الحسن بن علي، ذاك الذي يفتح الله تعالى ذكرُه على يديه مشارق الأرض ومغاربها...»7.
وقد حدَّد النبيّ (صلى الله عليه وآله) وظائف أولي الأمر بعده التي منها:
الأولى: وهي تدخل في إطار التشريع وإكمال تبليغ الدين، وعن هذه الوظيفة قال النبيّ (صلى الله عليه وآله): «إنّي تارك فيكم الثَّقَليْن كتاب الله وعترتي أهل بيتي (ما إن تمسكتم بهما لن تَضِلّوا بعدي أبداً)، ولن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض»8. وقد تحدّثت عن هذه الوظيفة في المحاضرة الأولى.
الثانية: تدخل في إطار قيادة الأمّة والحاكميّة في المجتمع، ولتحديد وليِّ الأمر الأوّل، وإعلان قيادته على الناس أوقف النبيّ (صلى الله عليه وآله) عشرات الآلاف من المسلمين بعد رجوعه من الحجّ في منطقة غدير خُمّ، وأمر أن يُصنع له منبر في جوٍّ شديد الحرّ في وقت لو طُرح اللّحمُ فيه على الأرض لانشوى9. وصعد النبيّ (صلى الله عليه وآله) المنبر ورفع عليّاً إليه وقال: أيّها الناس، من أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: الله ورسوله، فقال (صلى الله عليه وآله): ألا من كنت مولاه فهذا عليٌّ مولاه، اللَّهمّ والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وأنصر من نصره، واخذل من خذله»10.
الخلفاء اثنا عَشَر
ولم تغمض عينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى حدَّد للأمّة المرجعيّة الدينيّة والقيادة السياسيّة إلى يوم القيامة فقال (صلى الله عليه وآله) كما روى البخاري ومسلم في صحيحيهما وهما أوثق كتابين عند أهل السُّنَّة بعد القرآن الكريم، والنصُّ لمسلم : «لا يزال الدين قائماً حتى تقوم الساعة، أو يكون عليكم اثنا عشر خليفة كلّهم من قريش»11.
وكما تعدَّدت صيغ هذا الحديث في صحيح مسلم، تعدَّدت في مُسند أحمد بن حنبل الذي فيه عن النبيّ (صلى الله عليه وآله): «لا يزال هذا الأمر مؤاتي أو مقارباً حتى يقوم اثنا عشر خليفة كلّهم من قريش»12.
وفيه أيضاً عن جابر بن سَمُرَة: جئت أنا وأبي إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله) وهو يقول: «لا يزال هذا الأمر صالحاً حتى يكون اثنا عشر أميراً، ثمّ قال كلمة لم أفهمها، قلت لأبي ما قال: قال: قال: كلّهم من قريش»13.
دور الولاية في الدنيا والآخرة
وشدَّد النبيّ (صلى الله عليه وآله) وخلفاؤه (عليه السلام) على أهميّة ولاية أئمّة أهل البيت (عليه السلام) ودورها في حفظ الدين والأمّة في الدنيا وآثارها في الآخرة.
في الدنيا
فها هو أمير المؤمنين (عليه السلام) يتحدّث عن دور الولاية في الأمّة فيقول: «مكان القيِّم من الأمر مكان النِّظام من الخَرَز يجمعه ويضمّه، فإذا انقطع النظام تفرَّق الخرز وذهب، ثمّ لم يجتمع بحذافيره ابداً»14.
فالإمامة في قول الإمام هي كالسِّلْك الذي ينظِمُ الخرز، فإذا انقطع السلك تفرَّق الخرز وضاع.
عند الموت
وأخبر النبيّ الأعظم (صلى الله عليه وآله) المسلمين أنّ عدم معرفة الإمام توجب الكفر عند الموت، فقال في الحديث المشهور عنه عند كلّ المسلمين: «من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهليّة».
في القبر
وللولاية دور في قبر الإنسان، كما رُوي عن أحد الإمامين الباقر والصادق (عليهما السلام): «إذا مات العبد المؤمن دخل معه في قبره ستُّ صور، فيهنّ صورة أحسنهنَّ وجهاً، وأبهاهُنَّ هيئة، وأطيبِهِنَّ ريحاً، وأنظفِهِنَّ صورةً، فتقف صورة عن يمينه، وأخرى عن يساره، وأخرى بين يديه وأخرى خلفه وأخرى عند رجله، وتقف التي هي أحسنُهنَّ فوق رأسه، فإن أتى عن يمينه منعته التي عن يمينه، ثمّ كذلك إلى أن يؤتى من الجهات السِّتّ، فتقول أحسنُهنّ صورة: ومن أنتم جزاكم الله عنّي خيراً؟
فتقول التي عن يمين العبد: أنا الصلاة، وتقول التي عن يساره: أنا الزكاة، وتقول التي بين يديه: أنا الصيام، وتقول التي خلفه: أنا الحجُّ والعُمرة، وتقول التي عند رجليه: أنا بِرُّ من وصلت من إخوانك، ثمّ يقلن: من أنت؟ فأنت أحسننا وجهاً وأطيبنا ريحاً وأبهانا هيئة؟ فتقول: أنا الولاية لآل محمّد صلوات الله عليهم أجمعين»15.
يوم القيامة
ونطق القرآن الكريم بدور الولاية يوم القيامة حينما قال: «يوم ندعو كلّ أناس بإمامهم»16، فكلّ إنسان يُحشر يوم القيامة مع الإمام الذي كان يتولّاه في الدنيا، فإن كان إمام حقّ فارتباطه به ينفعه في ذلك اليوم، أمّا إن كان إمام باطل فقد أعطى القرآن نموذجاً عن مصير المرتبطين به في حديثه عن فرعون حينما يَقْدُمُ يوم القيامة مَنْ كان يتولّاه في الدنيا نحو مصير واحد: ﴿يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ﴾17.
ولاية عليّ (عليه السلام) في صدر الإسلام
ورغم كلّ هذا التركيز والتشديد على أهميّة الولاية ودورها ومكانتها وعقوبة مخالفتها، فقد تخلَّفت الأمّة بأغلبها عن ولاية الإمام عليّ (عليه السلام)، ثمّ جاء عليّ (عليه السلام) ليتولّى سدَّة الحكم بعد مقتلِ عثمان، وكانت التجرِبة المريرة في صفّين، وأغلب الناس كانوا مضلَّلين على المستوى الفكريّ أو تابعين لأهوائهم على المستوى العمليّ، فلم يتوقّفوا للإرتباط الحقيقيّ بالولاية الإلهيّة المتمثّلة بالإمام عليّ (عليه السلام)، وعانى عليّ (عليه السلام) في ذلك المجتمع المعاناة المريرة حتى قال لأصحابه في صفّين: «صاحبكم يعني نفسه يطيع الله وأنتم تعصُونه وصاحب أهل الشام يعصي الله وهُم يُطيعونه، لَودِدْتُ والله أنّ معاوية صارفني بكم صرف الدينار بالدرهم، فأخذ منّي عشرة وأعطاني رجلاً منهم»18.
نعم ثلَُّةٌ قليلة كانت تفهم عليّاً وقد ارتبطت به الإرتباط بالمعصوم فعلمت أنّ إطاعته كإطاعة رسول الله (صلى الله عليه وآله) تتمّ بتسليم مطلق، وقسم من هؤلاء لم يكونوا في «صفّين»، إذ توفّاهم الله قبل ذلك، منهم سلمان الذي أجرى حواراً مع أبي ذرّ الغفاريّ ينطوي على فهم عميق لعصمة الإمام عليّ (عليه السلام)، فقد قال سلمان لأبي ذرّ: يا أبا ذرّ، هَبْ أنَّك دخلت على عليّ (عليه السلام) في المسجد ووجدته يشرب الخمر، ماذا تفعل؟
فأجاب أبو ذرّ بأنّه لا يمكن له أن يتصوّر هذا المشهد حتى يجيب، فأصرَّ عليه سلمان وأبو ذرّ يرفض تصوُّر المشهد.
فقال له سلمان: سلني أنت هذا السؤال، فسأله أبو ذرّ: يا سلمان هب أنك دخلت على علي (عليه السلام) في المسجد ووجدته يشرب الخمر، ماذا تفعل؟
فأجاب سلمان: أجلس وأشرب معه..
لم يرد سلمان أن يقول أنا أفعل الحرام إذا فعله علي (عليه السلام) والعياذ بالله، بل أراد أن يقول إنّ عليّاً لا يمكن أن يشرب الخمر وهو الإمام المعصوم بالعصمة الإلهية، أجلس وأشرب معه لأنّ ما يشربه ليس مما حرَّمه الله تعالى.
ولاية الحسن والمعاناة
وقُتل علي (عليه السلام) بسبب تخلّف الأمّة الفكري والعملي، وجاء الإمام الحسن (عليه السلام) ليقود المجتمع المتفتّت المتخلّف، لكنّ الظروف لم تتح له فرصة الإصلاح، واضطرّ كما هو معروف إلى صلح معاوية.
وجاء أحد أصحابه إليه ليعطي الصورة الواضحة على عدم فهم المسلمين لعصمة الحسن (عليه السلام) ووجوب طاعته، فسلَّم عليه قائلاً: السلام عليك يا مُذِلَّ المؤمنين، لكنّ الإمام (عليه السلام) أخبره بهدوء عن سبب الصلح ليعود ذلك الصاحب إلى نفسه معتذراً إلى الإمام19.
ولاية الأمر في كربلاء
وتولَّى الحسين (عليه السلام) الإمامة بعد أخيه الحسن (عليه السلام) ليَرِدَ كربلاء حيث سجَّل التاريخ معاناة الحسين (عليه السلام) مع المجتمع المضلَّل والمفتَّت والمهزوم باستثناء ثلَّة من أصحاب الحسين (عليه السلام) وأهل بيته الذين كتبوا بدمائهم أرقى لوحة ولاء للإمام الحسين (عليه السلام).
وفي العاشر من المحرَّم يستوقفني موقف حدث بعد استشهاد الحسين (عليه السلام) وهو موقف العقيلة زينب (عليه السلام) التي وصفهاالإمام زين العابدين(عليه السلام) بأنّها عالِمة غير مُعلَّمة، فبعد قتل الحسين (عليه السلام) جاءت زينب العالمة البصيرة صاحبةَ التجربة الطويلة في الحياة، وهي قد تجاوزت الخمسين من العمر، جاءت إلى ابن أخيها الصغير الإمام عليّ زين العابدين (عليه السلام) لتسأله: ماذا نصنع يا ابن أخي؟ لماذا سألته زينب (عليه السلام) وهي عقيلة بني هاشم وأفضل نسائهم وهي ربيبة علي بن أبي طالب (عليه السلام)؟ سألته لأنّه هو وليُّ أمرها، إنّه الإمام الذي تجب عليها طاعته، لقد أعطت زينب (عليه السلام) في موقفها هذا درساً في الولاية لوليّ الأمر.
وعانى الإمام زين العابدين (عليه السلام) ما عانى آباؤه من المجتمع الذي لا يدرك حقّ الولاية، وتبعه ولده الباقر (عليه السلام) فحفيده الصادق (عليه السلام).
الإمام الصادق (عليه السلام) وولاية الأمر
واستلم الإمام الصادق (عليه السلام) منصب الولاية بعد وفاة أبيه الباقر (عليه السلام) في ظرف احتضار الدولة الأمويّة، وانصبَّت أعين الناس على الإمام الصادق (عليه السلام) ليقود الثورة ضدّ الأمويّين، وكتب أبو مسلم الخراساني أحد قادة الثورة كتاباً للإمام الصادق (عليه السلام) جاء فيه: «إنّي أظهرت الكلمة ودعوت الناس عن موالاة بني أميّة إلى موالاة أهل البيت، فإن رغبت فلا مزيد عليك»20
فكان جواب الإمام الصادق (عليه السلام): «ما أنت من رجالي ولا الزمان زماني»21.
وكانت محاولة ثانية من أبي سَلَمة الخلاَّل وهو أحد نقباء الدولة العبّاسيّة فبعث إلى الإمام (عليه السلام) رسولاً يحمل معه كتاباً يذكر فيه للإمام استعداده للدعوة إليه وتخلِّيَه عن بني العباس، فكان جواب الإمام (عليه السلام): «ما أنا وأبو سلمة؟ وأبو سلمة شيعة لغيري»22.
وما يُفهمنا موقف الإمام هو ما جرى له مع صاحبه سدير حينما جاءه قائلاً: والله لا يسَعُكَ القعود، أي لا بدّ أن تقوم لقيادة الثورة، فقال له الإمام الصادق (عليه السلام): ولِمَ يا سدير؟ قال سدير: لكثرة مواليك وشيعتك وأنصارك، فقال (عليه السلام): وكم عسى أن يكونوا؟ فقال: مائة ألف.. فقال (عليه السلام): مائة ألف! قال: نعم ومائتي ألف، قال: مائتي ألف! قال: نعم ونصف الدنيا، فسكت الإمام ثمّ ذهبا معاً إلى «ينبع» فقال له الإمام وهو ينظر إلى قطيع من الجِداء: «والله يا سدير لو كان لي شيعة بعدد هذه الجِداء ما وسِعَني القعود»23.
علم الأئمَّة أنّ في الأمّة مشكلة عقائديّة لا بدّ من أن يركَّز عليها وهي مسألة الولاية فأخذوا يركِّزون عليها لينشأ الجيل المؤمن بها المستعدّ للتضحية من أجلها في سبيل الله تعالى.
الولاية في عصر الغيبة الكبرى
وكان نظر المعصومين (عليه السلام) يتركَّز على جيل الغيبة الكبرى الذي سيحمل الولاية بإيمان عميق بها، وأرادوا سلام الله عليهم أن يستمرّ ذلك الجيل بموالاته للنبيّ وأئمّة أهل البيت عبر موالاتهم للعلماء الذين ذابوا في خطّ الولاية.
والبداية مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) الذي رُوي عنه قوله: «اللهمّ أرحم خلفائي (ثلاث مرّات) قيل: يا رسول الله، ومن خلفاؤك؟ قال: الذين يأتون بعدي، يروون حديثي وسنّتي فيعلِّمونها الناس من بعدي»24.وهذا الحديث يعطي العلماء المجتهدين دور القيادة والخلافة لرسول الله (صلى الله عليه وآله) بشكل واضح25.
وجاء الإمام الصادق (عليه السلام) يركِّز في أحاديثه على منصب الحاكمية في المجتمع الإسلامي، وعلى شروط الحاكم والقائد السياسيّ الذي يجب على الأمّة اتّباعه، فأجاب من سأله عن رجلين يريدان أن يتحاكما: «ينظران من كان منكم ممّن قد روى حديثَنا، ونظرَ في حلالنا وحرامنا وعرَفَ أحكامَنا.. فليرضَوْا به حَكَماً، فإنّي جعلته عليكم حاكماً»26.
وأكّد صاحب العصر والزمان المهدي المنتظر (عجل الله تعالى فرجه) على قيادة العلماء الفقهاء في غيبته حينما أجاب من سأله: «أمّا الحوادث الواقعة، فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا، فإنّهم حجّتي عليكم، وأنا حُجَّة الله»27.
وفي القرن العشرين خرج الإمام الخميني (قده) من قُمّ، يجدِّد دعوة النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمّة الأطهار في انقيادالأمّة للفقهاء، وحقّق حلم الأنبياء والأولياء بإقامة دولة الإسلام التي يحكمها الفقيه العادل الذي نظر في حلالهم وحرامهم وروى أحاديثهم فكان الحجّة منهم على الأمّة، وكان الاستحقاق من جديد مع نائب المهدي (عجل الله تعالى فرجه)، لكنّ جيل الغيبة هذه المرّة كان قد وعى أبعاد الولاية فنصر الإسلام بنصرة الإمام.
وبرزت من جديد بعد رحيل الإمام، ولاية عليٍّ الإمام (عليه السلام) في عليّ القائد المفدَّى ليقود الأمّة التي تعلّمت من أصحاب الحسين في كربلاء كيف يكون الولاء.
1- سورة النساء، الآية: 59.
2- الراوندي، قصص الأنبياء، تحقيق اليزدي، منشورات مجمع البحوث الاسلامية، مشهد، ط1، ص43.
3- سورة النجم، الآية: 3.
4- سورة الأحزاب، الآية: 6.
5- انظر: التبريزي، المراقبات، منشورات دار السلام، بيروت، ص249.
6- انظر: مغنية، التفسير الكاشف، منشورات دار العلم للملايين، بيروت، ج6، ص193.
7- المشهدي، تفسير كنز الدقائق، ج2، ص493.
8- الطبري، المسترشد، ص56، وكذا انظر كتاب «حديث الثقلين» منشورات دار التقريب بين المذاهب الاسلامية، القاهرة.
9- انظر المراقبات، ص251.
10- انظر المصدر السابق، ص252.
11- صحيح مسلم، منشورات دار الفكر، بيروت 1992 ج2، ص184.
12- مسند الامام احمد بن حنبل، منشورات دار احياء التراث العربي، بيروت 1994م، ج6، ص122.
13- المصدر السابق.
14- بيضون، تصنيف نهج البلاغة، منشورات مكتب الاعلام الاسلامي، قم 1408هـ، ص327.
15- شبرَّ، تسلية الفؤاد، ص93.
16- سورة الإسراء، الآية: 71.
17- سورة هود، الآية: 98.
18- نهج البلاغة، شرح عبده، ص216.
19- انظر: ياسين، صلح الحسن، منشورات خسر، بيروت، ط3، ص276.
20- انظر: الأديب، الأئمة الاثنا عشر، منشورات الدار الاسلامية، بيروت، ط1، ص182.
21- المصدر السابق.
22- المسعودي، مروج الذهب، منشورات مؤسسة دار الهجرة، قم، ج3، ص254.
23- الكليني، اصول الكافي، ج2، ص243.
24- انظر: الامام الخميني رحمه الله، الحكومة الاسلامية، منشورات مؤسسة تنظيم ونشر تراث الامام، طهران، ط1، ص91.
25- انظر المصدر السابق، ص100 - 101.
26- المصدر السابق، ص135.
27- المصدر السابق، ص120.