الجهاد الأكبر
المسار والميزان
في الخطبة الأولى للإمام الحسين عليه السلام في كربلاء، دعا جيش عمر بن سعد إلى العودة إلى الله، من خلال تزكية النفس بالتقوى، فقال عليه السلام: "عبادَ الله، اتقوا الله وكونوا من الدنيا على حذر، فإنّ الدنيا لو بقِيَتْ لأحد، وبقي عليها أحد، كانت الأنبياء أحقّ بالبقاء، وأولى بالرضا، وأرضى بالقضاء، غير أنّ الله تعالى خلق الدنيا للبلاء، وخلق أهلها للفناء، فجديدها بال، ونعيمها مضمحل، وسرورها مكفهر، والمنزل بُلغة، والدار قلعة، فتزوّدوا، فإنَّ خير الزاد التقوى، واتقوا الله لعلّكم تفلحون"1.
وفي آخر لحظاته على صعيد كربلاء، استحضر الإمام الحسين عليه السلام حديث الله تعالى عن التقوى ﴿ فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا ﴾2. فإذا به يدعو الله تعالى "اللهم (أنت) متعالي المكان، عظيم الجبروت، شديد المحال، غنيّ عن الخلايق، عريض الكبرياء، قادر على ما تشاء، قريب الرحمة، صادق الوعد، سابغ النعمة، حسن البلاء، قريب إذا دُعِيت، محيط بما خلقت، قابل التوبة لمن تاب إليك، قادر على ما أردت، تُدرك ما طلبت، شَكور إذا شُكرتَ، ذَكور إذا ذُكرت، أدعوك محتاجاً، وأرغب إليك فقيراً، وأفزع إليك خائفاً، وأبكي مكروباً، وأستعين بك ضعيفاً، وأتوكَّل عليك كافياً. اللهم احكم بيننا وبين قومنا، فإنهم غرّونا، وخذلونا، وغدروا بنا، وقتلونا، ونحن عترة نبيّك، وولد حبيبك محمد صلى الله عليه وآله وسلم الذي اصطفيته بالرسالة، وائتمنته على الوحي، فاجعل لنا من أمرنا فرجاً ومخرجاً، يا أرحم الراحمين"3.
إنّه حديث عن الجهاد الأكبر في معركة الجهاد الأعلى، في كربلاء.
إنّه حديث يرتبط بهدف الله تعالى من خلقه عالم الإمكان. وهو ما يدعونا للحديث عن تزكية النفس، في مسارها وميزانها.
التقوى غاية العبادة
حدَّد القرآن الكريم غاية خلق الإنسان بقوله تعالى ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾4. والعبادة في جذرها المعنويّ تطلق على الفعل الذي يكون طيّعاً ليّناً مذلّلاً بحيث لا يكون فيه عصيان ولا مقاومة ولا اعتداء، من هنا سمّيت الطريق التي كثر المرور عليها أو سوّيت بحيث لم تعد أحجارها أو أشواكها مؤذية، بل صارت ليّنة غير شكسة، ولا عاصية، بالطريق المعبّد أو السلوك المذلّل.5
ومن اللافت أنّ الكتاب العزيز لم يعرض عبادة الله تعالى كهدف أقصى لخلق الإنسان، بل تحدَّث عن هدف لهذه العبادة بقوله ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾6.
والتقوى في مفهومها تلتقي مع الوقاية، وهي المشتركة معها في جذرها الماديّ، لتصبّ في خانة معنى المنعة والحصانة والحماية. ولعلّه لهذا الأمر عبّر تعالى بـلباس التقوى، فإنَّ من وظيفة اللباس حماية الإنسان جسداً، فأراد الله تعالى أن يكون للإنسان، قلباً وروحاً، حماية أخرى تتحقق من خلال لباس معنويّ هو التقوى ﴿ يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ﴾7.
الفلاح بتزكية النفس
ووصول الإنسان إلى مرحلة التقوى يصعده إلى المرتبة القرآنية العُلْيى وهي الفلاح الذي يعني الفوز والظفر، قال تعالى ﴿ قُل لاَّ يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُواْ اللّهَ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾8.
وفي بيان قرآنيّ آخر للوصول إلى مرحلة الفوز النهائي المعبّر عنه بالفلاح قال تعالى ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى ﴾9. والتزكية من زكا التي تأتي بمعنى طهر، وأيضاً بمعنى زاد ونما10، كما في إطلاق أمير المؤمنين عليه السلام في ما ورد عنه "العلم يزكو بالإنفاق"11، أي ينمو ويتكامل، فتزكية النفس المحقّقة للفلاح تعني إنماءها والعمل على تكاملها ورقيّها.
ومما تقدّم نعرف أهميّة وقيمة تزكية النفس، ودورها في تحقيق غاية خلق الإنسان.
وكذلك نعرف أهمية السؤال عن المنهج القويم في تزكية نفس الإنسان.
مسارات في تزكية النفس
في استعراض وجيز لمدارس ومناهج تزكية النفس، في المجتمع الإسلامي، نلاحظ مسارات عديدة يتصف بعضها بالغرابة ويولّد استهجان المطّلع عليها.
أ- فبعضهم انتهج في سيره السلوكي لتزكية نفسه، العملَ على إرهاق الجسد لتطويعه. وفي هذا الإطار يُروى عن بعض الشيوخ أنه ألزم نفسه بالقيام على رأسه طوال الليل، لتسمح نفسه بالقيام عن طوع12 وكذا الحال بالنسبة إلى أولئك الذين كانوا ينامون على مسامير ونحو ذلك.
ب- وبعضهم انتهج، في سيره السلوكيّ لتزكية نفسه، العملَ على إذلال النفس وإهانتها لتذليلها، كما هي حالة السالك الذي حكى قصته الغزاليّ بأنه سرق ثياباً في حمّام عام، وهرب ليلحقه الناس، ويقولوا عنه: سارق الحمّام، وهكذا حصل، فاعتقد أنَّه وصل إلى النتيجة المتوخَّاة فسكنت نفسه.
ج- وبعضهم انتهج في سيره السلوكي لتزكية نفسه العمل على تنقية الذهن من الخواطر العارضة له، فدعا هؤلاء إلى تركيز الانتباه إلى أحد المحسوسات مثل حجر أو جسم آخر، فينظر إليه بالعين الظاهرة مدة، ولا يطبق عينه مهما أمكن، وينتبه بجميع القوى الظاهريّة والباطنيّة إليه، ويستمرّ على هذه الحال مدة، قالوا: إنَّ الأفضل أن تكون أربعين يوماً أو أكثر13. وتجرَّأ بعضهم في بيان هذا الاتجاه بتمثيل آخر، وهو أن يركّز السالك نظره على شحمة أذن فاتنة جميلة، أو محيّا شيخ مرشد بحجّة أنَّ اللبّ حينما يحصر تعلقه بشيء واحد يستطيع أن يقطع علاقاته بالآخرين، ثمّ في مرحلة ثانية يقطع هذا الارتباط الوحيد، ليركّز قلبه على الله تعالى، ليصل إلى المبتغى المنشود.
التصوّف والعرفان
وقد عُرف أصحاب بعض الاتجاهات السلوكيّة الزاهدة في الدنيا زهداً ماديّاً بالمتصوِّفة الذين سُمُّوا بذلك:
أ- إمّا لأنَّهم كانوا يلبسون الصوف في الصيف الحارّ.
ب- وإمّا من الصُفَّة، أي صُفّة مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم التي كان يجتمع فيها الجائعون، فسُمُّوا بذلك، لأنَّهم يقتدون بأهل تلك الصُفَّة.
ج- وإمّا من الصفواء جمع الصفاة، وتعني الصخر الأملس الذي لا ينمو عليه النبات، ومنه قوله تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاء النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُواْ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ﴾14.
د- وإمّا من صوفانة التي تعني النبات الصغير الذي لا قيمة له15.
ولعلّ هذه المحاولات لتفسير التصوف من ناحية الاشتقاق اللغويّ ترجع إلى الخلفيّة التي ينطلق منها محدِّد المصطلح من ناحية نظرته إلى التصوف. من هنا نرى أنَّ بعض من ينحو بالتصوّف إلى الناحية المعرفيّة يرد المصطلح إلى أصل يونانيّ هو sophi أو sophia اليونانيّة التي تعني الحكمة16. وهذا ما يقرّب التصوّف إلى العرفان في حين يصرّ البعض على التفرقة بين التصوّف والعرفان، في أنَّ الأوّل يقع في دائرة السلوك والعمل، في حين أنَّ الثاني ينطلق من منهج علميّ، ومن خلاله يطلّ على السير والسلوك.
من هنا، قسّموا العرفان إلى نظريّ وعمليّ17، يبحث في النظريّ منه عن معرفة الله والعالم والإنسان، في حين يبحث في العملي منه عن العلاقات والواجبات المفروضة على الإنسان مع نفسه، ومع العالم، ومع الله، فالأوّل شبيه بالفلسفة والثاني بالأخلاق18.
العرفاء والفقهاء
وهنا ينبغي التمييز بين مدرستي الفقهاء والعرفاء في نظرتهم إلى الغاية لتزكية النفس التي على الإنسان أنْ يسعى نحوها، ففي حين يرى الفقهاء أنّ الهدف الأقصى هو وصوله إلى السعادة، يعمّق العرفاء أطروحتهم بأنّ غاية تزكية النفس هي الوصول إلى الله تعالى. فالفقهاء يرون أن تعاليم الإسلام يمكن اختصارها في ثلاثة أنواع:
الأول: العقيدة، وهي التي من خلالها يتحقّق الإيمان.
الثاني: الأخلاق، وهي التي ينبغي أن يتعامل معها سلوكيّاً كترك الرذائل والتحلّي بالفضائل.
الثالث: الأحكام، وهي التي ترتبط بأعمال الإنسان الخارجيّة.
أمّا العرفاء فإنهم يتحدثون عن ثلاث مراتب:
الأولى: الشريعة.
الثانية: الطريقة.
الثالثة: الحقيقة.
وقد ذكر العرفاء أنّ هذه المصطلحات الثلاثة مأخوذة من حديث نبويّ شريف هو " الشريعة أقوالي، والطريقة أفعالي، والحقيقة أحوالي "19.
وقد ذكروا بيانات عديدة للتمييز بين هذه المراتب المتدرّجة.
فقالوا: الشريعة أن تعبده، والطريقة أن تحضره، والحقيقة أن تشهده.
وقالوا: الشريعة أن تقيم بأمره، والطريقة أن تقوم بأمره، والحقيقة أن تقوم به20.
وقد طبَّق العارف السيد حيدر الآملي (ره) هذه المراتب في العقيدة والأحكام.
ففي العقيدة ذكر أنّ توحيد أهل الشريعة عبارة عن نفي آلهة كثيرة، وإثبات إله واحد، ونفي آلهة مقيّدة وإثبات إله مطلق21، والتوحيد عند أهل الطريقة يتحقّق حينما يقطعون نظرهم عن الأسباب، ويتوكّلون عليه حقّ التوكل، ويسلّمون أمرهم إليه كليّاً، ويفرحون بما يجري عليهم منه، لأنه ليس في الوجود غيره، ولا فاعل سواه22.
أما توحيد أهل الحقيقة فيتحقّق من خلال أنهم لا يشاهدون في الوجود غير الله تعالى، ولا يعرفون في الحقيقة غيره، لأنَّ وجوده حقيقيّ ذاتيّ، ووجود غيره عارضيّ مجازيّ في معرض الفناء والهلاك آناً فآناً23.
وحول هذه الحقيقة يستشهدون ببيتي شعر جميلين هما:
البحر بحر على ما كان في قدمٍ ***إنَّ الحوادث أمواجٌ وأنهارُ
لا تحجبنّك أشكال تشاكلها***عمّن تشكَّل فيها، فهي أستارُ
فالبحر هو الحقيقة، وأمّا الأمواج فهي فانية، هي هالكة باستمرار، بل بالدقّة، هي لا شيء، فالحقيقة هي فقط البحر.
وفي الأحكام الفقهية ذكر السيد الآملي أنَّ وضوء أهل الشريعة يتحقّق بالغسلتين والمسحتين، أمّا وضوء أهل الطريقة، فيتحقّق بطهارة النفس عن رذائل الأخلاق وخسائسها، وطهارة العقل من دنس الأفكار والشبه المؤدّية إلى الضلال والإضلال. وطهارة السرّ من النظر إلى الأغيار، وطهارة الأعضاء من الأفعال غير المرضيّة عقلاً وشرعاً24.
أمّا وضوء أهل الحقيقة، فهو "عبارة عن طهارة السرّ عن مشاهدة الغير مطلقاً،والنية فيه هي أن ينوي السالك في سرّه أنه لا يشاهد في الوجود غيره ولا يتوجه إلا إليه لأن كل من توجّه في الباطن إلى غيره فهو مشرك بالشرك الخفي"25.
سؤال مفصلي:
بعد الاتضاح الإجماليّ للمراتب العرفانيّة الثلاث نطرح سؤالاً أساسيًّا يتعلق بدور هذه المراتب في الوصول إلى غاية تزكية النفس. فهل الشريعة هي مجرد وسيلة للوصول إلى الطريقة وبالتالي للحقيقة، وعليه فإنّها قد يُستغنى عنها؟ أم إنَّه لا بدّ منها على كل حال، ولا يمكن الوصول إلى الحقيقة بدونها؟
منهج الإمام الخميني السلوكي
يجيب الإمام الخميني رائد مدرسة العرفان في عصره، عن هذا السؤال بشكل حاسم مبيّناً منهجه بقوله: "واعلم... أنَّ طيَّ أيِّ طريق في المعارف الإلهية لا يمكن إلاّ بالبدء بظاهر الشريعة، وما لم يتأدَّب الإنسان بآداب الشريعة الحقّة لا يحصل له شيء من حقيقة الأخلاق الحسنة، كما لا يمكن أن يتجلَّى في قلبه نور المعرفة، وتتكشَّف العلوم الباطنية، وأسرار الشريعة، وبعد انكشاف الحقيقة، وظهور أنوار المعارف في قلبه، سيستمر أيضاً تأدّبه بالآداب الشرعية الظاهرية". ويتابع الإمام الخميني ما رسمه من ميزان فيقول: "ومن هنا نعرف بطلان دعوى من يقول: (إنَّ الوصول إلى العلم الباطن يكون بترك العلم الظاهر، أو إنَّه وبعد الوصول إلى العلم الباطن ينتفي الاحتياج إلى الآداب الظاهرية). وهذه الدعوى ترجع إلى جهل من يقول بها، وجهله بمقامات العبادة ودرجات الإنسانيّة".26
ويطبِّق الإمام الخميني منهجه هذا على العبادات فيتحدَّث عن عبادة الحجّ التي يهدف من خلالها إلى الوصول إلى الحقيقة بقوله "هي رأسمال من أفق التوحيد والتنزيه، وسوف لن نحصل على النتيجة ما لم ننفّذ أحكام وقوانين الحج العباديّة بشكل صحيح ولائق شعرة بشعرة"27.
وفي ضوء هذا المنهج يحاكم الإمام الخميني بعض الاتجاهات السلوكية التي تقدَّمت، فيقول: "ومن التصرّفات الخبيثة للشيطان، لإضلال القلب وإزاغته عن الصراط المستقيم، توجيهه نحو فاتنة أو شيخ مرشد. ومن إبداع الشيطان الموسوس في صدور الناس، الفريد من نوعه، هو أنَّه مع بيان عذب ومليح، وأعمال مغرية، قد يعلق بعض المشائخ بشحمة أذن فاتنة جميلة ويسوِّغ هذه المعصية الكبيرة، بل هذا الشرك لدى العرفاء، بأنَّ القلب إذا كان متعلّقاً بشيء واحد، استطاع أن يقطع علاقاته مع بالآخرين بصورة أسرع، فيركِّز كلّ توجهه أوّلاً على الفتاة الجميلة بحجّة أنَّ القلب ينصرف عن غيرها، وأنّه منتبه إلى شيء واحد، ثم يقطع هذا الارتباط الوحيد، ويركِّز قلبه على الحقّ المتعالي، وقد يدفع الشيطان بإنسان أبله نحو إنسان أبله، نحو محيّا مرشد مكّار وحش، بل شيطان قاطع للطريق، ويلتجئ في تسويغ هذا الشرك الجليّ إلى أنّ هذا المرشد هو الإنسان الكامل، وأنّه لا سبيل للإنسان في الوصول إلى مقام الغيب المطلق إلّا بوساطة الإنسان الكامل المتجسد في المرآة الأحديّة للمرشد، ويلتحق كلٌّ منهما بعالم الجنّ والشياطين. ذاك المرشد، بالتفكير في جمال معشوقه ومفاتنه إلى نهاية عمره، وهذا الإنسان البسيط، بالانتباه الدائم إلى محيّا مرشده المنكوس حتى آخر حياته، فلا تنسلخ العلقة الحيوانيّة عن المرشد، ولا يبلغ الإنسان الأبله الأعمى إلى منشوده ومبتغاه"28.
إنَّ خلاصة منهج الإمام أنَّ الوصول بتزكية النفس إلى غايتها المنشودة له معبر وحيد لا تتحقق بدونه ألا وهو الشريعة التي يعتبرها ميزان معرفة الحقّ من الباطل في مسارات السلوك.
وهذه الشريعة التي تمثِّل المعبر الوحيد لتحقيق الهدف الإلهي من خلق الكون والإنسان كانت عام 61 هـ، في خطر عبَّر عنه الإمام الحسين عليه السلام بقوله: "إنَّ السُنَّة قد أميتت، وإنَّ البِدعة قد أُحييت"29.
فنهض عليه السلام مع أهل بيته وأصحابه لإبقاء مَعبر الكمال الإنسانيّ.
* وأتممناها بعشر، سماحة الشيخ أكرم بركات.
1 ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق، ج14، ص 218.
2 سورة الطلاق، الآية 2.
3 البحراني، عبد العظيم، من أخلاق الإمام الحسين عليه السلام، ص257.
4 سورة الذاريات، الآية 56.
5 انظر: ابن فارس، أحمد، معجم مقاييس اللغة، تحقيق عبد السلام محمد هارون، قم، مكتب الإعلام الإسلامي، 1404هـ، ج4، ص: 205-206.
6 سورة البقرة، الآية 21.
7 سورة الأعراف، الآية 26.
8 سورة المائدة، الآية 100.
9 سورة الأعلى، الآية 14.
10 انظر: الطريحي، فخر الدين، مجمع البحرين، تحقيق الحسيني، ط2، بيروت مؤسسة الوفاء 1983م، ص: 203-205.
11 الجزائري، عبد الله، التحفة السنية، تحقيق الجزائري، (لا،ط)، (لا،ن)، (لا،ت)، ص 11.
12 الحائري، كاظم، تزكية النفس، ط 1، قم، مؤسسة الفقه، 1421هـ، ص 143.
13 انظر: الرسالة المنسوبة إلى بحر العلوم بعنوان رسالة السير والسلوك، تحقيق حسن مصطفوي، تعريب، ط1، بيروت، دار الروضة، 1414هـ، ص 133.
14 سورة البقرة، الآية 264.
15 انظر: سجادي، ضياء الدين، مقدمة في أصول التصوف والعرفان،، ط1، بيروت، دار الهادي، 1423 هـ، ص 4-6.
16 المصدر السابق، ص 7.
17 لمعرفة الفارق بين العرفان والتصوف انظر: المطهري، مرتضى، العرفان، ترجمة نور الدين، ط1، بيروت، دار المحجة البيضاء، 1413هـ، ص 11- 12 "وقد ذكر الشهيد المطهري فيه أن العرفاء يطلق عليهم متصوفة إذا كان المراد الإشارة إلى الناحية الاجتماعية لهم ".
18 المصدر السابق ص 13، 17.
19 الآملي، حيدر، أسرار الشريعة وأطوار الطريقة وأنوار الحقيقة، ط1، بيروت، دار الهادي 2003م، ص67.
20 المصدر السابق ص 49.
21 المصدر السابق ص 120.
22 المصدر السابق ص 122.
23 المصدر السابق ص 125.
24 المرجع السابق ص 188.
25 المرجع السابق ص 190.
26 الإمام الخميني، روح الله، الأربعون حديثاً، ترجمة الغروي، قم المقدسة، دار الكتاب الإسلامي ص25.
27 الإمام الخميني، روح الله، أبعاد الحج، ط1، بيروت، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية 1422هـ، ص 20.
28 الإمام الخميني، روح الله، الأربعون حديثاً، ص548.
29 المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، ج44، ص 326.
إنَّ حال هذه الجذبة، في فطريّتها، كحال الطفل وأمّه. ألا ترى أنّ الطفل يحبُّ أمّه فطريّاً من دون تعليم معلِّم وتربية مربٍّ؟ ولكن إذا وضعتَ أمام الطفل ألعاباً، قد يغفل عن أمّه وينساها لاهياً بتلك الألعاب. فإذا التقط الطفل أثناء لعبه جمرة تؤذيه، فإنّ أوّل كلمة تصدر عنه هي "ماما".
إنّه الشعور الفطريّ الذي يتحرّك عند الإحساس بالخطر. وكذلك المُلحد تنسيه ذنوبُه ربَّه، وتضَعُ ستاراً بينهما. ولكن عندما يدقّ ناقوس الخطر الداهم، فإنه ينبّه الإنسان الغافل، ويثير فيه الفطرة المدفونة من جديد. عندها يتعلّق قلبه بالله تعالى، فيصبح حاله كحال ذلك البحّار الذي تشرَّف بلقاء الإمام الصادق عليه السلام ، وطلب إليه أن يعرِّفه الله تعالى، فقال الإمام عليه السلام للسائل:
"يا عبد الله، هل ركبت سفينة قَطّ؟"
قال: بلى.
قال عليه السلام : "فهل كُسِرَتْ بك حيث لا سفينةَ تُنجيك، ولا سباحةَ تُغنيك؟"
قال: بلى.
قال عليه السلام : "فهل تعلَّق قلبك هناك أنّ شيئاً من الأشياء قادر على أن يخلّصك من ورطتك؟"
قال: بلى.
قال عليه السلام : "فذلك الشيء هو الله القادر على الإنجاء، حين لا مُنجٍ، وعلى الإغاثة، حين لا مُغيث"6.
إنّها ﴿فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ﴾7، والتي قد يسترها غبار الخطايا والذنوب. لكن حينما يقتربُ العذاب، ويشعرُ الإنسان بالخطر، ترجع إليه، تشدُّه نحو الله تعالى.
وهذا ما أكّده القرآن الكريم، في العديد من آياته.
قال تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُواْ بِهَا جَاءتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءهُمُ الْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُاْ اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنِّ مِنَ الشَّاكِرِينَ﴾8.
وقال تعالى: ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُكُم إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللّهِ تَدْعُونَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاء وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ﴾9.
إنّه الدعاء المنطلق من تلك الجذبة المغروسة في داخل كل إنسان.
ولكن هل تكفي هذه الجذبة، وحدها، لتنقذ الإنسان من وسط بحار الدنيا المظلمة، لتوصله إلى شاطئ الأمان؟
كلا، إنّها تحتاج إلى دليل وخارطة طريق ترشده إلى ذلك الشاطئ، لذا كان إرسال الرسل عليهم السلام وبعث الأنبياء عليهم السلام . إلا أنها هداية عامة لا تصل إلى مستوى هداية أخرى من نوع خاص، وهي هدايةُ سفينةٍ تتقدّم صاحب الجذبة، وتضيء بمصباحها ظلمة تلك البحار، وتأخذ بقلب صاحب الجذبة إلى شاطئ الكمال.
إنّها الهداية التي اختص الله تعالى بها قوماً تميَّزوا بطينة خلقهم.فعن الإمام السجاد عليه السلام "إنّ الله خلق النبيّين من طينة عليّين، قلوبهم وأبدانهم، وخلق قلوب المؤمنين من تلك الطينة"10 ، فانجذبوا بطينتهم نحو تلك السفينة وذلك المصباح الذي شاهده النبي صلى الله عليه وآله وسلم على يمين العرش، على لوحة النور، فحدّثنا صلى الله عليه وآله وسلم عن تلك المشاهدة في معراجه، وأنَّه رأى على يمين العرش مكتوباً: "إنّ الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة"11
عجيب هو هذا المصباح الذي حينما بلغ الأشهر الستة في رحم أمّه عليهما السلام : كانت تقول: "كنت لا أحتاج في الليلة الظلماء إلى مصباح"12!
عجيب هو هذا النور الذي تحدَّث عنه خاتم الأنبياء صلى الله عليه وآله وسلم في قصة عالم الأنوار "قبل أن يخلق تعالى آدم، حيث لا سماء مبنيّة ولا أرض مدحيّة، ولا ظلمة ولا نور، ولا جنّة ولا نار، ولا شمس ولا قمر"، إذ لمَّا أراد الله تعالى أن ينشئ الصنعة، ويخلق الخلق، خلق نور محمد صلى الله عليه وآله وسلم ثم نور علي عليه السلام ثم نور فاطمة عليها السلام ثم نور الحسن، فنور الحسين عليهما السلام ، "ثم فتق نور الحسين عليه السلام ، فخلق منه الجَنّة والحور العين، فنور الجَنَّة والحور العين من نور الحسين عليه السلام ، ونور الحسين عليه السلام من نور الله"13.
انجذاب الكون
عجيب هو أمر هذا المصباح الذي جذب بنوره الكون المدرك المسبِّح، فتفاعل مع شهادته في كربلاء!
- فالسماء بكت على الحسين أربعين صباحاً بالدم14.
- والشمس بكت عليه بالكسوف والحمرة15.
- والقمر بكى عليه بالخسوف16.
- والأرض بكت عليه أحجارها التي لم يرفع حجر منها، في العاشر من محرّم، إلا وُجِد تحته دم عبيط17.
بل ورد عن الإمام الصادق عليه السلام : "لما مضى أبو عبد الله الحسين بن علي عليهما السلام بكى عليه جميع ما خلق الله"18.
انجذاب الحيوان
وكما الكون، انجذب الحيوان نحو الحسين عليه السلام طفلاً وشهيداً'، ففي الرواية عن المقداد بن الأسود قال "إنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم خرج في طلب الحسن والحسين عليهما السلام ، وقد خرجا من البيت، وأنا معه، فرأيت أفعى على الأرض، فما أحسَّت وَطْأَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قامت فنظرت... فهالني ذلك. فلمّا رأت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صارت كأنّها خيط، فالتفت إليّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فقال: ألا تدري ما تقول الأفعى يا أخا كندة؟ قلت: الله ورسوله أعلم.
قال صلى الله عليه وآله وسلم : "تقول الأفعى: الحمد لله الذي لم يمتني حتى جعلني حارساً لابني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ..."19.
وبعد شهادة الإمام الحسين عليه السلام انجذب إليه ذلك الطائر الأبيض، فنزل على جسده المبارك يمرِّغ جناحيه بدمه المبارك20.
ومرَّت السنون عشرات وعشرات، فجاء المتوكِّل اللعين مغتاظاً من زوَّار الحسين عليه السلام ، فأراد أن يحرث مرقده المبارك، فأطلق الثيران نحو قبره الشريف، فإذا بالثيران تنجذب نحو الحسين عليه السلام ، وتقف آبية أن تحرث تراب القبر الطاهر.
فعن عمر بن فرج، قال: أنفذني المتوكل في تخريب قبر الحسين عليه السلام ، فصرتُ إلى الناحية، فأمرتُ بالبقر، فمُرَّ بها على القبور، فمرّت عليها كلّها، فلما بلغت قبر الحسين عليه السلام لم تمرّ عليه. قال عمر بن فرج: فأخذتُ العصا بيدي، فما زلت أضربها حتى تكسرت العصا في يدي، فوالله ما جازَتْ على قبره ولا تخطَّته21.
انجذاب الملائكة
وكذلك انجذبت الملائكة نحو الإمام الحسين عليه السلام حينما أخبرها الله تعالى عن خلق الإنسان، فكان تساؤلها: ﴿أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء﴾22 وهي ناظرة – في ما استشرفته في المستقبل- إلى دم الإمام الحسين عليه السلام الذي سيسفك في كربلاء.
وبعد شهادة الإمام عليه السلام حدَّثنا حفيده الإمام الصادق عليه السلام قائلاً: "إن الملائكة بكت أربعين صباحاً إلى الحسين عليه السلام "23.
ولم ينقطع انجذاب الملائكة على الإمام الحسين عليه السلام : فعن الإمام الصادق عليه السلام : "وكَّلَ الله عزّ وجل بقبر الحسين عليه السلام أربعة آلاف ملك شعث.... يبكونه إلى يوم القيامة، فمن زاره عارفاً بحقّه شيّعوه حتى يبلغوه مأمنه، وإنْ مرض عادوه غدوة وعشيّة، وإنْ مات شهدوا جنازته، واستغفروا له إلى يوم القيامة.24
انجذاب الحور العين
إذا كان هذا هو حال الملائكة، فما حال الحور العين، في جنان الله، التي مرَّ أن الله تعالى خلقها من نور الحسين عليه السلام ؟ لذا ورد أنّها، لمَّا علمت بشهادة الحسين عليه السلام في الأرض، فإذا بها تلطم نفسها منجذبة للحسين عليه السلام .
انجذاب الماء
ورد أنَّ المتوكّل العباسيّ أمر بجرّ الماء من نهر العلقمي إلى قبر الإمام الحسين عليه السلام ، حتى لا يبقى له أثر، لكنّ الذي حصل بمرأى الناس، هو أنّ الماء كلّما صُوِّب نحو المرقد الطاهر غارَ وحارَ واستدار، ولم تصل منه قطرة واحدة إلى قبر الحسين عليه السلام 25.
انجذاب الأنبياء صلى الله عليه وآله وسلم
النبيّ آدم عليه السلام
إنَّ أهمَّ المنجذبين نحو الحسين عليه السلام هو الإنسان منذ أن وُجد على الأرض، فها هو أبو البشرية آدم عليه السلام حينما تلقَّى من ربّه كلمات فتاب عليه، لقَّنه جبرئيل: يا حميد، بحقّ محمّد صلى الله عليه وآله وسلم ، يا عالي، بحقّ عليّ عليه السلام ، يا فاطر بحقّ فاطمة عليها السلام ، يا حسن بحقّ الحسن والحسين عليهما السلام ، ومنك الإحسان، فلما ذكر الحسين عليه السلام سالت دموعه، وانخشع قلبه قال: يا جبرئيل، في ذكر الخامس ينكسر قلبي، وتسيل عبرتي، قال جبرئيل: ولدك هذا يصاب بمصيبة تصغر عندها المصائب26.
النبيّ نوح عليه السلام
وجاء النبيّ نوح عليه السلام وأراد تثبيت سفينة الطوفان، فوجد مسامير نورانيَّة، فانجذب إليها، لكنَّ واحداً من تلك المسامير شدّ انجذابه، وهو خامسها الذي كان رطباً رطوبة تعبِّر عن بكائه على الإمام الحسين عليه السلام . فعن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم : "... ثم ضرب بيده إلى مسمار خامس فزهر، وأنار، وأظهر النداوة، فقال جبرئيل: هذا مسمار الحسين عليه السلام ، فأسمره إلى جانب مسمار أبيه، فقال نوح عليه السلام : يا جبرئيل، ما هذه النداوة؟ فذكر (أي جبرئيل) قصة الحسين عليه السلام وما تعمل الأمّة به"27.
النبيّ إبراهيم عليه السلام
وجاء النبيّ إبراهيم عليه السلام ليدخل الابتلاء العظيم بقتل ولده الحبيب، ونجح في ذلك، ولم تذرف له دمعة. لكن حينما علم أنَّ الفداء القادم هو الذبح العظيم حفيده الحسين بن علي عليهما السلام توجَّع قلبه، وأذرف دموعه على الحسين عليه السلام 28. فعن الإمام الصادق عليه السلام : "لما أمر الله عزَّ وجلَّ إبراهيم عليه السلام أن يذبح مكان ابنه اسماعيل عليه السلام الكبش الذي أنزله عليه... أوحى الله عزَّ وجلَّ إليه: يا إبراهيم، من أحبُّ خلقي إليك؟ فقال: يا ربّ، ما خلقتَ خلقاً هو أحبُّ إليَّ من حبيبك محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، فأوحى الله إليه: أفهو أحبّ إليك أم نفسك؟ قال: بل هو أحبّ إليّ من نفسي، قال: فولده أحبّ إليك أم ولدك؟ قال: بل ولده، قال: ذبح ولده ظلماً على أيدي أعدائه أوجع لقلبك، أو ذبح ولدك بيدك في طاعتي؟ قال: يا ربّ، بل ذبحه على أيدي أعدائه أوجع لقلبي. قال: يا إبراهيم، فإنَّ طائفة تزعم أنَّها من أُمَّة محمد صلى الله عليه وآله وسلم ستقتل الحسين عليه السلام ابنه من بعده ظلماً وعدواناً كما يذبح الكبش، ويستوجبون بذلك سخطي. فجزع إبراهيم عليه السلام لذلك وتوجع قلبه، وأقبل يبكي"29.
النبيّ موسى عليه السلام
وجاء النبيّ موسى عليه السلام ليجذبه الحسين عليه السلام نحو كربلاء، ليخبره الله تعالى فيها: أنْ ها هنا يُقتل الحسين، وهنا يُسفك دمه30. فقد ورد أنَّ النبي موسى عليه السلام كان ذات يوم سائراً ومعه يوشع بن نون، "فلمَّا جاء إلى أرض كربلاء انخرق نعله، وانقطع شراكه، ودخل الحسك في رجليه، وسال دمه، فقال: إلهي، أيُّ شيء حدث منّي؟ فأوحى إليه: أنْ هنا يُقتل الحسين عليه السلام ، وهنا يُسفك دمه، فسال دمُك موافقة لدمه"31.
النبيّ عيسى عليه السلام
وفي سياحة النبيّ عيسى عليه السلام كانت جذبته مع حوارييه نحو الحسين عليه السلام فقد ورد أنَّ عيسى عليه السلام كان سائحاً في البراري، ومعه الحواريّون، فمرُّوا بكربلاء، وفيها أُخبروا بشهادة الإمام الحسين عليه السلام "32.
النبيّ محمد صلى الله عليه وآله وسلم
وجاء خاتم الأنبياء محمّد صلى الله عليه وآله وسلم ليجذبه الحسين عليه السلام طفلاً يضعه وأخاه الحسن عليه السلام على ظهره يحبو بهما حبو الجمل قائلاً: "نعم الجمل جملكما، ونعم العدلان أنتما"33. وانجذب النبي صلى الله عليه وآله وسلم للحسين عليه السلام حينما كان يخطب على المنبر، فخرج الحسين عليه السلام الطفل إلى المسجد، وبينما هو يمشي تعثَّر وسقط، فإذا بالنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم يترك خطبته وينزل عن منبره، ويأخذ الحسين عليه السلام ويضمُّه إلى صدره34.
ولعلَّ أعلى انجذاب من النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم نحو الحسين عليه السلام هو ما ورد في قصةٍ رواها الصحابيّ الجليل عبد الله بن عباس (رض) حينما دخل عليه فوجده واضعا ً الحسين عليه السلام الطفل على فخذه اليمنى وابنه إبراهيم على فخذه اليسرى، وهو تارة يقبّل هذا، وتارة يقبِّل هذا، إذ هبط جبرئيل بوحي من ربّ العالمين، فلما سرى عنه قال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم لابن عباس: "أتاني جبرئيل من ربّي، فقال لي: يا محمّد، إنّ ربّك يقرؤك السلام، ويقول لك: لستُ أجمعهما لك، فافدِ أحدهما بصاحبه". فنظر النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم إلى إبراهيم فبكى ثم قال: "يا جبرئيل! يُقبض إبراهيم، فديتُ الحسين عليه السلام بإبراهيم"35.
انجذاب أهل الإيمان
وكما انجذب الأنبياء صلى الله عليه وآله وسلم في تأريخهم إلى الحسين عليه السلام انجذب إليه المؤمنون بعد شهادته، فإذا هم يشدُّون الرّحال لزيارة مرقده الشريف، حتى ولو أدَّى ذلك إلى أعلى تحمُّل للمشقَّات، وأشدّ ألوان العقوبات. ففي تاريخ زيارة المؤمنين لإمامهم الحسين عليه السلام أمر المتوكِّل بقتل كل من يزور مرقد الإمام الحسين عليه السلام ، ومع ذلك استمرَّت زيارة الحسين عليه السلام 36.
إنَّ هذا يؤكِّد حقيقة مغروسة في قلوب المؤمنين تجذبهم نحو الإمام الحسين عليه السلام تشابه تلك الفطرة الجاذبة نحو الله تعالى.
وهذا ما نصّ عليه جدّ الحسين النبيُّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم بقوله-الوارد عنه-: "إنّ للحسين في بواطن المؤمنين معرفة مكتومة"37.
إنها المعرفة المغروسة في أفئدة المحبِّين للحسين عليه السلام غرساً لبَّى دعاء الخليل إبراهيم عليه السلام حينما وضع ولده إسماعيل عليه السلام جدَّ الحسين عليه السلام ، فقال-وهو يتطلع ويستشرف مستقبل أهل العصمة من أحفاده-: ﴿فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ﴾38.
إنها المعرفة المولِّدة لتلك الحرارة التي تحدث عنها الإمام الصادق عليه السلام بقوله: "إن لقتل الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لن تبرد أبداً"39.
سرُّ المعرفة
إذا كانت المعرفة الباطنة بالإمام الحسين عليه السلام هي سرَّ الجذبة إليه، فما هو سرُّ هذه المعرفة؟ وبالتالي السرُّ الحقيقي لهذا الانجذاب؟
في مقام الجواب نطلُّ على سرَّين:
السرّ الأول
معرفة الإمام الحسين عليه السلام بالله تعالى التي لم تكن مثل معرفة ذلك الأعرابي الذي سئل عن دليله على وجود الله تعالى، فقال: "البعرة تدل على البعير، وأثر الأقدام يدل على المسير، أفسماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج، لا تدلان على اللطيف الخبير"40.
ولم تكن مثل معرفة تلك المرأة التي كان تغزل فسئلت عن دليلها على معرفة ربِّها، فأجابت: "هذا المغزل، إنْ حرَّكته تحرَّك، وإن لم أحرِّكه توقَّف، فكيف تتحرَّك الكواكب في السماء دون محرِّك؟!!".
لقد رفض الإمام الحسين عليه السلام أن يستدلّ على وجود الله تعالى على قاعدة دلالة الأثر على المؤثِّر، والحركة على المحرِّك، لأنه كان يرى الله تعالى أظهر من كلِّ شيء، فهو يدلُّ على غيره، وليس غيرُه يدلُّ عليه.
هذا المعنى هو الذي أظهره الإمام الحسين عليه السلام في دعائه في عرفة حينما قال: "كيف يُستدلّ عليك بما هو في وجوده مفتقر إليك؟! أيكون لغيرك من الظهور ما ليس لك، حتى يكون هو المظهر لك؟ متى غبتَ حتى تحتاج إلى دليل يدلّ عليك؟ ومتى بعدتَ حتى تكون الآثار هي التي توصل إليك؟ عَمِيَتْ عين لا تراك..."41.
بهذه المعرفة انجذب الحسين عليه السلام إلى الله فجذب إليه الكون والإنسان.
السرُّ الثاني
يتعلَّق بدور نهضة كربلاء والمرتبط بغاية الخلق. فإنَّ سرَّ خلق الله تعالى لعالم الامكان يمكن أن يلخَّص بكلمة واحدة هي "الكمال"، فالله تعالى كمال مطلق غنيٌّ عن الخلائق، أراد من الخلق أن يسير كلٌّ نحو كماله، المسيَّرُ بالقهر، وغيرُه بالاختيار.
وأراد من الإنسان الحرّ في مساره أن يحقِّق الكمال في دائرتين، الأولى: دائرة نفسه، من خلال تزكيتها وتنميتها، والثانية: دائرة المجتمع، من خلال المساهمة في بلوغ القافلة البشريَّة كمالها المنشود.
فكما للفرد كماله، فـإنّ لقافلة الإنسانية كمالها. ولعل التبصُّر بأحوال رسل الله تعالى، لا سيَّما أولي العزم يلقي الضوء على المحطَّات الرئيسيَّة المتدرّجة في المخطِّط الالهيّ لتلك القافلة.
فقد يُلاحظ المتَتَبِّع في قصص أولي العزم أنَّ الرسول الأوَّل منهم وهو نوح عليه السلام كانت مهمّته الرئيسيّة إيجاد مجتمع يؤمن بالله تعالى، ونجح في ذلك في مجتمع السفينة.
أمَّا الرسول الثاني من أولي العزم، وهو إبراهيم عليه السلام ، فكانت مهمَّته الرئيسية إيجاد مجتمع يوحِّد الله تعالى، وقد نجح في ذلك.وتجلَّى هذا المجتمع بعده في بني إسرائيل.
أمّا الرسول الثالث من أولي العزم، وهو موسى عليه السلام فكانت مهمّته الرئيسيَّة إيجاد مجتمع الشريعة، لذا كان صاحب التوراة والألواح، وقد استطاع إيجاد مجتمع متشرِّع.
ولعلَّه كان يفترض في الرسول الرابع من أولي العزم، وهو عيسى عليه السلام أن تكون مهمَّته الرئيسية- بحسب طبيعة حركة التكامل الإجتماعي الإنساني ـ هي ايجاد مجتمع الحكومة الإلهية في الأرض. إلا أنّ اليهود شكَّلوا عقبة في وجه مشروعه، وربَّما يكمن في ذلك سرّ عدم موته الطبيعي كغيره من الأنبياء عليهم السلام ، وبدلاً من ذلك رفعه الله تعالى إليه، لتكون عودته في محطَّة الحكومة الإلهيّة كشريك مؤتمٍّ بصاحبها المحمَّدي.
بناءً على ما سبق، كانت المحطَّة الأخيرة التي تتكامل بها الإنسانية ـ وهي الحكومة الإلهية ـ المهمَّة الرئيسية للرسول الخامس من أولي العزم، وهو خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، الذي بيَّن القرآن الكريم مهمّته بما يعبِّر عن تلك المحطَّة بقوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾42.
وقد أعلن الرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم حتميَّة تلك الحكومة الإلهية التي ستكون محمَّدية يرأسها حفيده الحادي عشر من ولد ابنته فاطمة عليها السلام ، فقال فيه: "لو لم يبقَ من الدنيا إلا يوم واحد، لطوَّل الله ذلك اليوم، حتى يخرج، فيملأها عدلاً وقسطاً، كما مُلئت جوراً وظلماً"43.
وبهذه الحكومة التي تعتمد الإسلام ديناً ومنهجاً، سوف تصل قافلة الوجود إلى كمالها المنشود.
وفي سنة 60 للهجرة، حينما استولى يزيد على سدَّة الحكم، أدرك الإمام الحسين عليه السلام الخطر الداهم على المشروع الإلهيّ الذي لو لم يتحرَّك في نهضته، فإنّ قافلة الإنسانية سوف تنحرف عن سيرها الذي أراد الله تعالى أن يتمَّ باختيار الإنسان.
وقد عبَّر الإمام عليه السلام عن هذا الخطر بغير كلمة له، فقال: "وعلى الإسلام السلام، إذ بليت الأمة براع مثل يزيد"44.
"إنَّ السُنَّة قد أُميتت، وإنَّ البدعة قد أحييت"45.
وقد عَلِم الإمام عليه السلام أنَّ أحداً لا يتحرَّك لدفع ذلك الضرر البالغ على الإنسانية، فقال عليه السلام : "ألا ترون إلى الحقّ لا يُعْمَلُ به وإلى الباطل لا يُتناهىَ عنه؟!"46.
لقد علم الإمام الحسين عليه السلام أن تصويب قافلة الإنسانية نحو كمالها المرتبط بهدف الخلق متوقِّف على تقديم دمه المقدَّس، بل إنّ هذا الدم سيدفع تلك القافلة نحو كمالها بدون أن تستطيع أيّة عقبة أن تقف أمامها.
من هنا كانت عاشوراء محطَّة أساسية لولاها لضاعت الأهداف الأسمى لنوح عليه السلام وإبراهيم عليه السلام وموسى عليه السلام وعيسى عليه السلام ومحمد صلى الله عليه وآله وسلم ، الذين خُلِقَ الكون لأجلهم بما يمثِّلون من عبادٍ كاملين يَتكامل بهم الوجود. لذا بكى الأنبياء عليهم السلام الحسين عليه السلام ، وبكى الكون الحسين عليه السلام . ولذا حينما علم الإمام الحسين عليه السلام أنّه حقق ذلك الإنجاز الوجوديّ في آخر لحظاته في الدنيا، أخذ يناجي الله تعالى، متغنِّياً بكمالاته، معبِّراً عن شكره لله تعالى أن وفَّقه للشهادة التي بها استمرت قافلة الإنسانية في مسارها نحو التكامل، فقال في آخر كلماته: "اللهمّ متعالي المكان، عظيم الجبروت، شديد المحال، غنيٌّ عن الخلائق، عريض الكبرياء، قادر على ما تشاء، قريب الرحمة، صادق الوعد، سابق النعمة، حسن البلاء، قريب إذا دُعيت، محيط بما خلقت، قابل التوبة لمن تاب إليك، قادر على ما أردت، ومدرك ما طلبت، وشَكور إذا شُكِرت، وذَكور إذا ذُكِرت، أدعوك محتاجاً، وأرغب إليك فقيراً، وأفزع إليك مكروباً، وأستعين بك ضعيفاً، وأتوكّل عليك كافياً، احكم بيننا وبين قومنا بالحقّ، فإنّهم غرّونا وخدعونا وغدروا بنا وقتلونا، ونحن عترة نبيِّك وولد نبيك محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي اصطفيته بالرسالة، وائتمنتهُ على وحيك، فاجعل لنا من أمرنا فرجاً ومخرجاَ، برحمتك يا أرحم الراحمين47.
* وأتممناها بعشر، سماحة الشيخ أكرم بركات.
1 سورة الإسراء الآية 44.
2 سورة الأحزاب الآية 72.
3 سورة الأعراف الآية 72.
4 سورة لقمان، الآية 25.
5 الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، تحقيق علي الغفاري، ط4، طهران، دار الكتب الاسلامية، 1365ش، ج2، ص13.
6 الصدوق، محمد بن علي، التوحيد، تعليق هاشم الحسيني الطهراني، قم، جماعة المدرسين، (لا، ت)، ص231.
7 سورة الروم، الآية: 30.
8 سورة يونس، الآية 22.
9 سورة الأنعام، الآيتان: 40 ـ 41.
10 الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، ج2، ص2.
11 البحراني، هاشم، مدينة المعاجز، تحقيق ونشر مؤسسة المعارف الإسلامية، ط1، قم، 1414هـ، ج4، ص52.
12 المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، تحقيق محمد البهبودي، ط2، بيروت، مؤسسة الوفاء، 1403هـ، ج43، ص273.
13 المصدر السابق، ج25، ص16.
14 البروجردي، حسين، جامع أحاديث الشيعة، (لا، ن)، (لا، ت) ج12، ص552.
15 المصدر السابق نفسه.
16 المصدر السابق نفسه.
17 المصدر السابق نفسه.
18 المصدر السابق، ج75، ص 211.
19 المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، ج43، ص272.
20 أنظر: المصدر السابق، ج45، ص191.
21 الطوسي، محمد بن الحسن، الأمالي، تحقيق مؤسسة البعثة، ط1، قم، دار الثقافة، 1414هـ، ص325.
22 سورة البقرة، الآية: 30.
23 البروجردي، حسين، جامع أحاديث الشيعة، ج12، ص 552.
24 الحر العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة، تحقيق مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث، ط2، قم، مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث، 1414هـ، ج14، ص409.
25 المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، ج45، ص404.
26 المصدر السابق، ج44، ص245.
27 المصدر السابق، ج11، ص328.
28 المصدر السابق، ج44 ص 226.
29 المصدر السابق نفسه، ص225-226.
30 انظر: المصدر السابق، ج44، ص 244.
31 المصدر السابق نفسه.
32 المصدر السابق نفسه.
33 المصدر السابق ج43، ص285.
34 المصدر السابق، ج43، ص 296.
35 انظر: المصدر السابق، ج43، ص261.
36 أنظر: المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، ج45، ص403.
37 المصدر السابق، ج43، ص272.
38 سورة إبراهيم الآية 37.
39 النوري، حسين، مستدرك الوسائل، تحقيق مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث، ط2، بيروت، 1408هـ، ج10، ص 318.
40 المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، ج66، ص 134.
41 المصدر السابق، ج64، ص142.
42 سورة التوبة، الآية: 33.
43 الصدوق، محمد بن علي، من لا يحضره الفقيه، ط2، قم، جماعة المدرسين، 1404هـ، ج4، ص177.
44 المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، ج44، ص326.
45 الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الطبري، (لا، ط)، بيروت مؤسسة الأعلمي، (لا،ت)، ج4، ص266.
46 المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، ج44، ص381.
47 المصدر السابق، ج98، ص348-349.
زيارة الحسين (عليه السلام)
قال الله تعالى: ﴿قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾
حُبُّ الحسين (عليه السلام)
لماذا خلَقَنا الله؟!!
تساؤل يدور في أذهان الناس، وجوابه يحدّد مسيرة الإنسان في الحياة، ويُشبع ما غرزه الله في النفس الإنسانيّة من عشق الكمال والسعي نحو السعادة. وقد أتى هذا الجواب في كلام الله القرآنيّ ليحدِّد مكمن السعادة الإنسانيّة:
الولاية في مدرسة الحسين (عليه السلام)
قال الله تعالى في كتابه المجيد: ﴿يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم﴾1.
بهاء الحسين عليه السلام في طريق الموت
في العاشر من المحرَّم تعجَّب مَنْ حول الحسين عليه السلام من أمر الحسين عليه السلام، لأنّّ عادة الإنسان حينما يقدم نحو الموت أن يتغيَّر لونه وترتعد فرائصه وتضطرب نفسه،
الحسين (عليه السلام) في سورة الفجر
عن الإمام الصادق (عليه السلام): «اقرأوا سورة الفجر في فرائضكم ونوافلكم، فإنّها سورة الحسين (عليه السلام) وارغبوا فيها رحمكم الله».
الحسين(عليه السلام)النور الخامس
سِرُّ الملتقى بين محمّد(صلى الله عليه وآله) والآل (عليهم السلام)
الحسين (عليه السلام) في بيت علي (عليه السلام)
قبل الولادة
من الثابت أنّ للوراثة دوراً مهمّاً في تكوين شخصيّة الإنسان، وقد توافقت النصوص الدينيّة مع الاكتشافات العلميّة الحديثة في هذا المجال، فقد ورد في الحديث المعروف «العرق دسَّاس»
في تاريخ الفتوحات أنزل طارق بن زياد جنده على ساحل البحر، وأمر بحرق السفن، ثم وقف أمام جيشه خطيباً يقول: "العدوّ أمامكم، والبحر وراءكم، فإمَّا الموت وإمَّا النصر".